السبت، 23 أبريل 2022

المنشور "227" (شحرور وأراءه المتضاربه)

 


قلت له بأن السلام عكس الاجرام ولقوله عز من قائل بأنه لا يجعل المسلمين كالمجرمين وبحيث ان المجرمين هم الذين يسفكون الدماء وأما المسلمين فهم أهل السلام الذين لا يسفكون الدماء....

فقال لي بأنه وبالنسبة لمعنى مصطلح المجرم القرآني فإن الدكتور محمد شحرور قد قال عنه بأنه من الفعل جرم والذي يعني قطع وبأنه يفيد الملحدين حصرً وتحديدً لأنهم قد قطعوا علاقتهم مع الله...
وأما بالنسبة لسفك الدماء بالحق وليس بالباطل أو بالأمر الإلهي طبعً فهذا مباح لنا وبدليل أن إبراهيم كاد أن يذبح ابنه تنفيذً لأمر الله مما يعني بأن سفك الدماء مباح في بعض الحالات.

فقلت له بان قول الدكتور شحرور بان مصطلح (جرم) يعني (قطع) فيه تناقض كبير لمبدئ الدكتور شحرور ذاته والذي قال بنفسه لأكثر من مرة بأن لا وجود للمترادفات في القرآن اليس كذلك؟
فكيف يغالط الشحرور نفسه بنفسه هنا ويقول بأن الجرم هو القطع؟!!!!!

فإن كان مصطلح القطع هو ذاته مصطلح الجرم فما الداعي لوجود مصطلحين مختلفين في الكتابة ويفيدان المعنى ذاته وخاصةً وان مصطلح القطع موجود في القرآن الكريم؟؟
هذا اولً

واما ثانياً فهو أن الذين يقطعون علاقتهم مع الله او حتى لا يعرفون الله اصلً موجودين بكثرة على سطح الأرض ومن بينهم بعض القبائل الأفريقية المسالمة التي تتخذ من الرقص وحب الطبيعة اسلوبً لحياتها او بعض القبائل في الأمازون مثلً او حتى في الأسكيمو..

فهل كل هؤلاء مجرمين في عرف الدكتور شحرور الذي يهرف بما لا يعرف ويفتي في القرآن الكريم بغير علم؟!!

لا يا صديقي
فالشحرور رحمة الله عليه مخطئ تمامً في شرح معنى المجرم القرآني والذي هو من جدلية الرماية في المنهج الكوني القرآني ومن أنه يحمل الصفات السيئة جميعها من فساد في الأرض وسفك للدماء وسرقة وظلم واضطهاد وإرهاب وحتى الدكتاتورية في الحكم ومن انها جميعها تندرج تحت مصطلح المجرم القرآني وبدليل قوله عز من قائل:

(((فلولا كان من القرون من قبلكم اولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض الا قليلا ممن انجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما اترفوا فيه وكانوا مجرمين)))

وبحيث ترى معي هنا بان المفسدين في الأرض هم المجرمين هنا ومن ان الفساد وسفك الدماء شيء واحد في الملاء الأعلى كونهما من الكبائر عند الله وملائكته الذين قالوا له (اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) كدليل على اقتران الفساد مع سفك الدماء كتحصيل حاصل ومن ان احدهما يؤدي للأخر..

واما الان فأخبرك عن معنى مصطلح (جرم) في القرآن الكريم لكي تدرك خطأ الشحرور الفادح عندما قال بأنه يفيد القطع فأقول:

ان مصطلح جرمَ من الجذر (رمَ) والذي يفيد الرماية وميزانه (رام. روم. ريم) حبيبي وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ج" والمختص بالجدلية السلبية فيصبح (جرمَ)...

والمجرم هو الإنسان الذي تقع عليه الجدلية السلبية في تصرفاته وبأنه يرمي كل شيء..
فهو يرمي المحصنات بلسانه ويرمي الناس بسهامه ويرمي الاخلاق جانبً ويرمي بكل شيء كأن لا وجود له فتكون فيه جميع الصفات السيئة كما جاء في القرآن الكريم.

واما الان فأخبرك عن حروف الجر الجدلية وعلى النحو التالي:

ج: حرف جدلي سلبي وبحيث ان دخوله على الجذر يجعله سلبياً (رما) و (جرما) رماية سلبية.
ح: حرف جدلي معتدل وبحيث ان دخوله على الجذر يجعله معتدلً (رما) و (حرما) رماية معتدلة.
خحرف جدلي إيجابي وبحيث ان دخوله على الجذر يجعله إيجابيا (رما) و (خرما) رماية إيجابية.

فإن قلنا (جرم) فهي حالة رماية سلبية تفيد الذي يرمي الأشياء بغير حق وهم المجرمين.
وان قلنا (حرم) فهي حالة رماية معتدلة تفيد الأشياء التي نرميها ولا نقربها لنكون معتدلين.
وان قلنا (خرم) فهي حالة رماية إيجابية تفيد الأشياء التي نرميها لأنه يجب علينا ان نرميها ليتم عملنا.
فمن يخرم قطعة خشب مثلً يكون قد رمى جزء صغير من هذه القطعة لان رميه لهذا الجزء ضروريا للعمل اليس كذلك؟

وعليه
فإن المجرمين هم الذين يرمون كل شيء مصان بكل وقاحة وجبروت ومن بينها رمي المحصنات ورمي الناس بالكلام او حتى بالسهام والرصاص فيكونوا من المفسدين في الأرض..

وبما ان سفك الدماء هو اعلى أنواع الفساد في الأرض وبان اتباعه هم المجرمين حتمً فإن سفك الدماء محرم علينا في القرآن الكريم وحتى وان كان في حالة الدفاع عن النفس وبدليل ابني ادم ايضا وكيف ضرب الله لنا مثل بهما ومن ان القتيل بينهم لم يرضى ان يدافع عن نفسه رغم مقدرته على هذا وبحيث قال لأخيه (ما انا بباسط يدي اليك لأقتلك اني أخاف الله رب العالمين)...

أي ان قتلك لأخيك الانسان ولو حتى في حالة الدفاع عن النفس محرم عليك في القرآن الكريم تمامً وبانه ومن الأفضل لك ان تموت قتيل على ان تموت قاتلً ان كنت تخاف الله رب العالمين..

واما بالنسبة لإبراهيم فقد رأى رايً خاص به ولم يكن مأمورً من الله كما تقول يا عزيزي..
ثم انه لم يرى بأنه يقتل ابنه ويسفك دمه وانما راي بأنه يذبحه وشتان بين الذبح وسفك الدماء لأن الدبح القرآني هو الاباحة الدائمة (وبمعنى انه يبيح ابنه ويجعله مباحً لله ويبتعد عنه) وهذا مشروح في منشور خاص عن معنى الدبح القرآني من منظور المنهج الكوني..

فإبراهيم كان يحب ابنه الوحيد بشكل زائد عن الحد لأنه قد جاءه بعد طول انتظار ومن أنه قد ظن نفسه مشرك بالله لشدة حبه لابنه فقرر أن يبتعد عن ابنه لبعض الوقت ويجعله مباحً لله ليختبر نفسه...

نعم يا صديقي
فإبراهيم كان محب لابنه وبشكل غير اعتيادي انه قد رزق به بعد انتظار طويل جدا ومن أنه ومن المستحيل له يرى نفسه في المنام وهو يسفك دم ابنه لأن هذا منافي للعقل والمنطق تمامً....

أي أنه من المنطق العقلي أن يرى الانسان الطبيعي نفسه وهو يحمي أبنه في المنام لا ان يسفك دمه إلا ان كان مجرمً سفاحً ويكره ابنه او مختل عقلياً..

فهل كان إبراهيم مجرم سفاح ومختل عقلياً لكي يرى نفسه وهو يسفك دم ابنه في المنام؟

واما أنا فأقول لك بأن إبراهيم كان اشد الناس حبً لولده لأنه قد أتاه على كبر منه وانتظار طويل لكي يرزقه الله بهذا الطفل ومن انه ومن سابع المستحيلات ان يرى نفسه وهو يسفك دم ابنه لان عقله الباطن سيرفض هذه الفكرة تمامً وبأن يجعله يرى رؤيا كريهة واجرامية كهذه..

وأعود وأقول لك بأنه لا يوجد امر ألهي لإبراهيم بأن يسفك دم أبنه لأن الله ليس سفاحً لكي يأمر إبراهيم بأمر إرهابي كهذا ومن انكم انتم من لم يفهم معنى مصطلح الدبح القرآني ومن أنه حالة اباحة مؤكدة وبمعنى ان إبراهيم قد اباح ابنه لله دائما وهذا ليس موضوعنا هنا...

فقال لي ولكن الامر الإلهي واضح من خلال كلام الابن لأبيه (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين) ومن انه يؤكد لنا بان إبراهيم كان مأمور من الله بهذا الامر كما ترى....
فكيف تقول لي بأنه لا يوجد أمر إلهي لإبراهيم بأن يذبح ابنه؟!!

فقلت له بان جملة (يا ابت افعل ما تؤمر) دليل على ان الابن يحترم والده جدا ويعتبر راي والده امر ألهي بالنسبة له وهذا لأنه بار بوالده..
وكأن أقول لك انا بأن كلام والدي مقدس بالنسبة ككلام الله..
ولكن هذا لا يعني بأن كلام والدي هو كلام الله فعلً اليس كذلك؟

وهذا هو الحال مع ابن إبراهيم ومن أنه كان بار جد بوالده ويرى بأن أي رأي او رؤيا يراها والده هي امر ألهي بالنسبة له..
فالكلام هنا هو رأي الابن بأبيه وليس امر من الله حبيبي..
واما امر الله فيكون واضح جد وكقوله مثلً (اسجدوا لادم)..
فهل عندك تالية من القرآن الكريم فيها امر واضح من الله لإبراهيم ويقول له فيها مثل (اذبح ابنك يا إبراهيم)؟؟

ثم ان إبراهيم قال (اني أرى) وبحيث انه يوضح لنا بأن هذا الرأي هو رأيه هو الشخصي ولم يقل (اني أمرت من الله) اليس كذلك؟

وعليه
فإن إبراهيم واثناء نموه في معرفة الله كان يرى دائما ويشعر بأن حبه لابنه قد فاق حبه لله ربما ومما يجعله مشركً بالله فقرر أن يجعل ابنه مباحً لله في مكان للعبادة مثلً وبأن يبتعد عن ابنه لفترة من الزمان حتى يتأكد من نفسه ومن ان حبه لله اكثر من حبه لابنه ومن انني ارجو منك هنا قراءة منشور (النوم الاعرابي و النوم القرآن) لتدرك بأن المنام القرآني من النمو وحالة النماء ولا علاقة له بما يراه الانسان وهو راقد على فراشه.

ومرة أخرى أقول لك بأن المسلمين هم اهل السلام الذين لا يسفكون الدماء أبدا ومن انه لا يوجد رخصة إلهية لسفك الدماء بأي حال من الأحوال وحتى وان كان السبب هو الدفاع عن النفس وبدليل مثل ابني ادم الذي ضربه الله وبقوله (واتل عليهم نبا ابني ادم بالحق) وكيف ان الابن المظلوم او الذي هو على حق بينهم لم يدافع عن نفسه لأنه مسلم ويخاف الله رب العالمين وليس مجرمً كأخيه الباغي.

وكل الحب والسلام للجميع


محمد فادي الحفار
23/4/2022

هناك تعليق واحد: