الأربعاء، 10 يونيو 2020

المنشور "94" (اليم و الايام و الايامى)



اكثرنا قد قرأ قوله عز من قائل: (((في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون))) وبحيث اننا تعلمنا في مدارس اللغو الاعرابي بان معناها يفيد تلك العملية الرهيبة والمفجعة التي سيلقاها الكاذبين في جهنم على ايدي الملائكة الغلاظ الشداد الذين سيتفننون في التنكيل بهم بأنواع العذاب المؤلم جدا لان الاعراب قد شرحوا لنا معنى العذاب بانه العقاب ومعنى الأليم بانه الموجع جدا.. وعليه وبغض النظر عن معنى مصطلح (العذاب) هنا ومفهومه الخاطئ عند الاعراب لأنني قد شرحته بشكل مختصر في منشور (كون الدواب) وقلت عنه بانه عكس الحركة الدابة او الدؤبة من ان العدب هو الذي لا يدب ولا يتحرك ومن انني سأتطرق لهذا في نهاية المنشور فاقول: لو كان مصطلح (اليم) يفيد الشعور بالوجع الشديد وكما شرحها الاعراب لنا فما معنى قوله عز من قائل: (((فانتقمنا منهم فاغرقناهم في اليم بانهم كذبوا باياتنا وكانوا عنها غافلين))) فهل ترون معي بان مصطلح (اليم) هو ذاته وطبق الأصل في قوله (ولهم عذاب اليم) وقوله ايضا (فاغرقناهم في اليم)؟!! وهل يكون المصطلح ذاته بنطقين مختلفين و معنين مختلفين؟!! هل نقول بان مصطلح اليم في التالية الأولى يفيد معنى الشعور بالوجع الشديد وعلى حين انه يفيد النهر او البحر في التالية الثانية؟!! طبع لا احبتي... فهذه التفاهة اللغوية و ترادفاتها موجودة عند الاعراب فقط لانهم الأشد لغوً وتفاهة والاجدر ان لا يعلموا ما انزل الله في قرانه المبين الذي لا يحمل المترادفات ابدا... بل ان المصيبة ليست في مصطلح (اليم) وحسب ومن ان له معنين مختلفين كلياً عند الاعراب وانما هي موجودة ايضا في مصطلح (اياما) و (الايامَ) بالفتحة على حرف الميم او مصطلح (الايامى) بالألف المقصورة والذي يصبح له معنى مختلف كلياً عن مصطلح (الأيام) وبطريقة اعرابية عجيبة ولا تبرير لها او حتى قاعدة صحيحة وثابته لننطلق منها..!! واما أنا فأقول لكم بان جميع المصطلحات القرانية من "يُمَّ" و "يوم" و "ايام" و "اياما" و "ايامى" و "اليم" و "اليوم" و "الايام" و "الايامى" و "ايامى" و "ايامكم" و "تيمموا" تعود في اصلها الى الامر الكوني النافذ (يُمَّ) والذي يفيد محاذة الشيء الشيء ومرافقته (وكأن أقول صديقي في يمي وبمعنى جانبي) وميزانه (يام. يوم. ييم) والتي تفيد جميعها ذلك الذي يرافقك في رحلتك ويكون ملاصقً لك تقريبا.. يُمَّ (يام. يوم. ييم) وجميعها تفيد معنى الذي يرافقني في رحلتي او طريقي ولا يبتعد عني وكقولنا (امشي يمّي) وبمعنى امشي في جواري ودون تشبيه هنا لان الفارق بين اليم والجوار كبير جدا وذلك لان جاري او من هو في جواري يغيب تارةً ويظهر تارةً أخرى بسبب حياته الشخصية او حتى ذهابه للنوم او كحال الشمس مثلا والتي هي جارتنا ونحن في جوارها ولكنها لا تبقى معنا باستمرار وانما هي تغيب وتظهر خلال الاربع وعشرين ساعة بين ليل ونهار وعلى حين ان اليم او الذي هو بيمي فانه لا يفارقني ابدا وانما هو يبقى في يمي حتى نهاية المطاف.. اذن
فأن اليمَّ هو الذي يكون بيمّي او بيمّك او بيمّهم طوال الوقت او الرحلة التي طلب منه ان يبقى فيها بيمك..
ولهذا فان القرآن الكريم يطلق على الوقت وبشكل عام او على (الاربع وعشرين ساعه) وبشكل خاص لقب اليوم لان هذا اليوم يبقى في يمنا ويرافقنا طوال رحلة حياتنا وبحيث ان اليوم القرآني هو الذي يبقى بيمك وتبقى بيمه وكحالك مع الزمان الذي هو بيمك وانت بيمه دائماً ولان يوم عند الله كالف سنة مما تعدون ومما يؤكد بأن اليوم القرآني هو الزمان كله ونحن يمّه وضمنه وليس اربع وعشرين ساعه وحسب.. يُمَّ (يام. يوم. ييم) وجميعها تفيد معنى الذي هو في يمّي حتى وان دخل عليها آل التعريف لتصبح.. اليم (اليام. اليوم. الييم) او حتى (الايام و الايامى) ومن انها جميعها تفيد من هو في يمي مفرد كان ام جماعة.. فقوله عز من قائل وعلى سبيل المثال (وانكحوا الايامى منكم) اي اجمعوا بينهم لان الايامى هم العشاق الرغبين بأن يكونوا في يم بعضهم البعض او الذين لا يطيقون مفارقة بعضهم البعض لان الايامى هم أولئك الذين لا يريدون ان يبتعدوا عن بعضهم وبحيث يريد كل واحد منهم ان يبقى بيمّ الاخر ولا يفارقه ابدا طوال الحياة.. اذن فإن اليمَّ و الايامى و الايام تفيد جميعها معنى الذي يبقى بيمك او بيمّكم ومن ان قوله عز من قائل لام موسى (فالقيه في اليم) اي ضعيه في المكان المخصص للمّة او المكان المزدحم بالناس (الساحة العامة التي يلتم فيها الناس ويكونون يم بعضهم البعض) وتركيه هناك وبحيث ان الله ربي سيرسل له في هذا الزحام من يحن ويشفق عليه و يأخذه معه. واما وان نظن بأن ام موسى قد وضعت طفلها في سلةً ومن ثم رمت بها في مياه النيل المليئة بالتماسيح حينها فهذا هو الغباء بعينه احبتي. وكذلك هو الحال بالنسبة لقوله (لهم عداب اليمَّ) اي الذي يكون في يمهم دائما ولا يفارقهم. اي لهم عدم الحركة في المكان الذي تجتمع فيه الانفس بعد الموت وبحيث يتم منعهم من الحركة في هذا المكان حتى تتم عملية تطهيرها من العكر الذي فيها لان مصطلح العداب عكس مصطلح الداب وعلى النحو التالي: دُبَّ (داب. دوب. ديب) وجميعها تفيد معنى الدبيب والحركة الدؤوبة وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ع" والذي يعكس المعنى فيصبح عندنا: عدب (عداب. عدوب. عديب) وجميعها تفعيلات لعدم وجود الحركة الدبيب وهذا مذكور في منشور (عذاب الاعراب وعداب القرآن). نعم احبتي فمصطلح العداب هو عكس مصطلح الداب والدواب ومن انه يفيد عدم الحركة وبحيث أننا نطلق على الماء العدب هذا اللقب لأنه راكد ولا يتحرك ونستطيع ان نرى كل صفاته وما هو موجود فيه بسبب ركوده وعدم حركته... واما وان كان الماء يتحرك فإنه لا يكون عدبً لأننا لا نستطيع ان نرى محتوياته ولان اول شروط الماء العدب هو يكون هادئ ولا حركة فيه لكي لا تتحرك الرواسب الموجودة فيه فيصبح عكرً.. وعليه فإننا جميعنا وبعد موتنا نعود ونتجسد مرة أخرى في الحياة وبعدما نمر في نفق الموت المظلم (المكان الذي تنعدم فيه الحركة) والذي نبقى فيه لفترات مختلفة من الزمان لكي نتطهر وبحيث ان بعضنا يبقى فيه لثواني معدودة من ثم يتجسد في الحياة مرة أخرى وبعضنا يبقى لدقائق وساعات وبعضنا الاخر يبقى لأيام وشهور وبعضنا قد يبقى حتى تبعث النفس الواحدة وتعود الى ربها راضية مرضية لان العداب هو المدة الزمنية التي نبقى فيها دون القدرة على الدبيب والحركة ورغم ادراكنا وشعورنا بكل ما حولنا لكي تتم عملية تعديبنا او تطهيرنا من الشوائب التي فينا وبحيث ان الأموات العالقين في ذلك المكان يروننا ويرون كل اشكال الحياة ولكنهم لا يستطيعون الحركة او المشاركة فيها.. فتصوروا معي هذا الكابوس ومن ان يكون احدكم مستلقي على فراشه ويشعر بكل ما يدور حوله ولكنه لا يستطيع المشاركة فيه او حتى ان يحرك جفونه لتدركوا معي حالة الموت او الحالة في هذا النفق المظلم الذي لا حركة فيه او دبيب وماهي استطاعتك على تحمله او تحمل البقاء فيه لتدرك معي عملية التعديب او التطهير التي نمر فيها جميعنا.. ولن اطيل عليكم بأكثر من هذا لان موضوع العداب والتعديب وعدم القدرة على الدبيب يحتاج مني لمنشورات كثيرة خارج نطاق المنهج الكوني القرآني لكي اجعلكم ترون الصورة واضحة وجلية عن حياة الأموات في ذلك المكان الذي لا يموت فيه الفرد ولا يحيى. وكل الحب والسلام للجميع محمد فادي الحفار 10/6/2020

هناك تعليقان (2):