الاثنين، 18 أكتوبر 2021

المنشور "188" (والشمس تجري لمستقر لها)

 



قال لي بأنه يراني كافر وملحد وافسر القرآن الكريم على هواي ومن خلال منهج اسميه بالمنهج الكوني القرآني لم يسمع به أحد من قبل ومن أنني سأندم على هذا التفسير الخاطئ أشد الندم وذلك عندما تصل الشمس الى مستقر لها وتقوم القيامة و يحاسبني ربي على كل أعمالي...!!

ومن ثم وضع لي قوله عز من قائل (والشمس تجري لمستقر لها) وتابع حديثه عن الشمس ومن انها تركض مسرعةً وبشكل مستقيم نحو الثقب الأسود العظيم في مركز مجرتنا درب اللبانة والذي هو المقصود بعبارة مستقر لها بحسب قوله ومن أن هذا المستقر (الثقب الأسود حسب ادعاءه) سيكون النهاية الحتمية للكون لأنه قد قرأ نظرية علمية حديثة تقول بأن الشمس تتحرك مسرعة نحو مركز المجرة وتسوق معها جميع الكواكب نحو نهايتها الحتمية وكما هو في الصورة المنشورة مع هذا البحث...

وأما أنا فأقول بأن حسبي الله ونعم الوكيل على هذا الحال الذي وصلت له أمة القرآن الكريم من تخلف وجهلٍ بكل أنواع العلوم الحديثة في عصرنا ناهيكم عن جهلها بالقرآن الكريم بحد ذاته وتركه مهجورا واتباعها لكل جاهل من أصحاب الاعجاز العلمي المزعوم (كأصحاب نظرية الأرض المسطحة وغبائها) وبحيث يخرج عليهم كل يوم جاهل جديد او كاذب جديد من تجار الدين الذين ينتفعون مادياً من أصحاب السلطان والنفوذ أصحاب المصلحة الأولى في بقاء الأمم على جهلها ليقول للناس بوجود نظرية علمية جديدة تؤكد على الإعجاز العلمي في القرآن الكريم فيصدقونه ويصفقون له وبما لم ينزل الله به من سلطان..!!!

فمن قال لكم بأن الله يعاجزنا ويريد ان يثبت لنا كم هو عظيم بعلمه وكأنه بحاجة الى إثبات على هذا وكذلك الذي عنده عقدة النقص ويريد أن يثبت وجوده لمن حوله؟!!!
ولماذا لا تدركون بأن الله يعلمنا من علمه العظيم ولا يعاجزنا لأنه رب علم عظيم وليس رب اعجاز ومعاجزة؟؟

فإن كنت سأناقش صاحب هذه النظرية العلمية المزعومة وبشكل علمي فقط ودون ان اتطرق معه للقرآن الكريم فإنني سأقول له بأنه ولو كانت الشمس تركض بهذا الشكل المستقيم مسرعةً نحو نقطة النهاية وكما هو في الصورة الملحقة مع هذا المنشور لكنا رأينا الشمس كخط مستقيم في السماء من موقعنا على الأرض أو ككرة لها ذيل خلفها وعلى أقل تقدير وكحال رؤيتنا للشُهب او المذنبات أليس كذلك؟..

فلماذا نراها بشكل كروي فقط ولا نرى لها أي ذيل خلفها طالما أنها تتحرك مسرعة وبشكل مستقيم نحو نقطة محددة تنجذب إليها؟؟؟

بل ان الذي صنع هذه الصورة من خلال برنامج علمي متطور (كما يقول) ليؤكد للناس صدق نظريته الإعجازية عن الشمس وبأنها تتحرك مسرعة نحو الثقب الأسود قد صنع بنفسه صورة للشمس ولها ذيل طويل خلفها وكما ترون في الصورة فكشف عن غباء نظريته ومن حيث لا يشعر....!!

إذن
فإن نظريته الاعجازية هذه حول حركة الشمس المسرعة بشكل مستقيم نحو نقطة النهاية باطلة علمياً حتمً وبدليل أننا لا نرى للشمس ذيل وهذا اولً...

وأما وان كنت سأناقشه حول نظريته الإعجازية هذه وبطلانها من خلال القرآن الكريم أيضاً فإنني سأقول له التالي:

إن جميع المصطلحات القرآنية من "جار" و "جور" و "جير" و "تُجار" و "تجور" و "تجير" و "تستجير" و "تاجرني" والكثير غيرها عبارة عن تفعيلات لفعل الأمر الكوني النافذ (جُرّ) والذي يفيد موضوع الجوار وميزانه (جار. جور. جير) والذي يفيد في جميع تفعيلاته موضوع الجوار ومن جذره الثلاثي المفتوح (جَ وَ رَ) والذي هو فعل فردي عائد فاعل فردي هو الله سبحانه وتعالى الذي جعل الكون كله في جواره لأنه هو الذي يجير ولا يجار عليه ابدا ومن قوله عز من قائل:

(((قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون)))

نعم احبتي
فمصطلح (يجير ويجار وتجري) يفيد الجوار وكأن أقول لك (هي تجاريني) وبمعنى أنها قد اختارت ان تبقى في جواري..

جُر (جار. جور. جير) وجميعها تفيد موضوع الجوار وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ت" والمختص بالاستمرارية فيصبح:
تجٌر (تُجار. تجور. تُجير) وجميعها تفيد استمرارية حالة الجوار..

فالجار هو من يجير ويجعلك تنزل في جواره وليس من يركض ويتحرك بسرعة.

وقوله عز من قائل:

(((والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم)))

يعني بأن الشمس تجاور مستقرً تابعً لها باستمرار وهو في جوارها دائما ومن أن هذا المستقر هو الأرض وبدليل قوله عز من قائل (ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين) ومما يؤكد بأن مصطلح (المستقر) من أسماء الأرض ويطلق عليها..

إذن
فإن المستقر هو الأرض...
والشمس تجري لمستقر لها (أي أنها تجاور مستقر تابع لها في عملية الجوار ولا يخرج عن جوارها ابدا) ومن أن هذا المستقر الذي تجاوره الشمس ولا يخرج عن جوارها هو الأرض حتمً لأن المستقر من أسماء الأرض وكما هو واضح لكم في قوله عز من قائل (ولكم في الأرض مستقر)..

نعم
فالشمس جارةً لهذا المستقر والذي هو الأرض وبحيث أنها تجاوره دائما فلا يخرج عن جوارها وهذا هو تقدير العزيز الحكيم وبأن تكون الشمس جارةً للأرض دائماً لكي تدفئنا بأشعتها ونستمد منها أسباب الحياة.

أي أنه ومن قمة الغباء العلمي والقرآني على حد سواء اعتقادكم بأن الشمس تركض مسرعة لكي تصل الى نهاية الطريق والفناء العظيم كما تسمونه لأن هذا الكون لا نهاية له ولأن مستقر الشمس هو الأرض وليس الثقب الأسود وكما هو الحال في مفهومكم الخاطئ لمعنى الجوار والمستقر..

وعليه
فإن نظريتهم الاعجازية هذه عن حركة الشمس المستقيمة والمسرعة نحو الثقب الأسود والذي هو مستقر لها باطلة علمياً وقرآنياً على حدٍ سواء ومما يجعلني أعود وأؤكد عليكم بأن جميع التاليات القرآنية الكريمة التي جاءت على مصطلح جار وتجري ويجير تفيد موضوع الجوار بين الكائنات وتجاورها مع بعضها ولا تفيد معنى الركض او الحركة المسرعة أبدا..

وأيضا فان مصطلح التجارة من التجاور..

وقوله عز من قائل (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) تعني لا يليهم تجاورهم مع بعضهم او مبايعتهم لبعضهم البعض عن ذكر الله.

فالبيع من المبايعة وبان أبايع أحدهم ليكون سيدي او صاحب الأمر فيني ومن قوله (ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله) ومن ان مصطلح البيع لا علاقة له بالبزنس الأعرابي والذي جعل من مصطلح (تجارة وبيع) يفيدان المعنى المرادف ذاته ومن إنهم عبارة عن المعاملات التي تطلقون عليها لغواً (معاملات تجارية) او المقايضة بالبضائع بين الناس أو البزنس في لغتنا الحالية.

وكذلك هو الحال مع قوله (على ان تاجرني ثماني حجج) بمعنى ان تكون في جواري حتى تنقضي حاجتي ولا علاقة لها بما ذهب اليه الاعراب من الخدمة وبان موسى اصبح خادمً عند هذا الرجال مقابل المال او غيره.

وعليه
فدعكم من اللغو الأعرابي أو من تلك التي تسمونها بقواعد اللغة العربية التي معكم وعودوا معي الى القرآن الكريم وبلاغته ولا تتركوه مهجورا لأن لسان القرآن الكريم السامي بعيد كل البعد عن هذه اللغة التي صنعها لكم اللغويين الأعراب من أمثال سيبويه وأبو الأسود الدؤلي وغيرهم.

وكل الحب والسلام للجميع


محمد فادي الحفار
18/12/2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق