الخميس، 15 أبريل 2021

المنشور "173" (القادمون والقادمين)

 




لقد طلب مني احد ابنائي ان أوضح له الفارق بين مصطلحات (العالمين و العالمون و العلماء) من خلال المنهج الكوني القرآني وبحيث وجدت بأن سؤاله هذا يستحق ان ينشر في منشور خاص به لتعن الفائدة على الجميع فأقول:

إن سؤالك هذا رائع ومهم جدً ومع هذا اريد أن الفت نظرك لأمر لا يقل أهمية عنه وهو انك وان تذكرت الميزان الكوني الذي وضعته لكم سابقً ما كنت لتطرح هذا السؤال وكنت لتصل للإجابة بنفسك وبحيث انني سأضعه لكم مرة أخرى وأقول:

إن جميع المصطلحات القرآنية خاصة ولساننا العربي عامة تعود في اصلها الى الامر الكوني النافذ الخاص بها على وزن (كُنَّ) وميزانه (كان. كون. كين)...

أي اننا وان اردنا ان نعرف اصل مصطلح القادمين وعلى سبيل المثال فإننا نعيده أولً الى الفعل الثلاثي المفتوح الخاص به وهو (قَدَمَ) ومن ثم نقول بأن الامر الكوني الخاص به هو (قُدَّ) والذي يفيد القيادة وميزانه (قاد. قود. قيد) ومن ان دخول حرف "الميم" في اخره يؤكد عملية القيادة لان القدم هي التي تجعلنا قادرين على قيادة جسدنا من خلالها..

إذن
قُد (قاد. قود. قيد) وجميعها تفيد معنى القيادة...

ولكننا وعندما نريد فهم تفعيلات الميزان فإننا نقول التالي:

-قُدَّ (امر كوني نافذ)..
اد (من قام بتنفيذ امر القيادة) أي اننا نتعامل معها تعاملنا مع الفعل المتحرك لوجود الفاعل.
ود (صفة الامر) أي اننا نتعامل معها تعاملنا مع الصفة التي لا فعل فيها ولا حركة.
يد (من تم تنفيذ امر القيادة به) أي اننا نتعامل معها تعاملنا مع الفعل المتحرك لوجود المفعول به..

وعليه
فإن دخول حرف الالف على الامر الكوني النافذ (قُدَ) متوسطً بين الحرفين قاف و دال يجعله فعلً نافذً فيه حركة وهو اد) وكقولنا (قاده الى السجن) ومن ان الفعل قد تم من فاعل هو القائد على مفعول به وهو المنقاد..

وأيضاً فإن دخول حرف الياء على الامر الكوني النافذ (قُدَّ) متوسطً بين الحرفين قاف و دال يجعله فعلً متحركً وهو يد) وكقولنا (قيدَ الى السجن) ومن ان الفعل قد تم هنا أيضا من خلال فاعل هو القائد على مفعول به وهو المنقاد..

واما ومع دخول حرف الواو على الامر الكوني النافذ (قُدَّ) متوسطً بين الحرفين قاف و دال فيجعله صفة لا حركة فيها ولا تنفيذ للفعل أيضا وهي ود) ومن نها مجرد صفة للقيادة ولا يوجد فيها حركة الفاعل في الماضي وهي (قاد) او حركة المفعول به في المضي وهي (قيدَ)..

وعليه
وعلى موجب هذا الميزان تستطيع ان تفرق بين (القادمين و القادمون) ومن أن الأولى عبارة عن فعل قد تم تنفيذه وعلى حين ان الثاني مجرد صفة لا حركة فيها...

فالقادمون صفة لجماعة او مكان لهذه الجماعة دون اشتراط وجودهم الفعلي فيه ومن انهم قد تحركوا اليه أم لم يتحركوا لأنها مجرد صفة لا حركة فيها.

واما القادمين فهي تأكيد على حدوث الحركة عند أصحابها ومن انهم في طريقهم إلينا لأنهم قد تحركوا فعلً من مكانهم.

ولهذا نجد على لافتات المطار عبارة (القادمون) لأنها صفة للمكان المخصص للمسافرين سواء تحركوا من مكانهم ام لم يتحركوا..

اذن
فإن مصطلح (القادمون) صفة لا حركة للفعل فيها...
واما مصطلح (القادمين) فهو فعل قد تم تنفيذه سواء قد وصل اصحابهم الى مكان قدومهم ام لم يصلوا لأنهم قد تحركوا فعلً وهم على وصول بين لحظة وأخرى..

ولكي تتأكدوا من قولي هذا ومن خلال تالية قرآنية استشهد بها عليكم أقول:

(((التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الامرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين)))

ومن انكم ترون معي هنا دخول حرف الواو في وسط جميع هذه المصطلحات من (تائبون و عابدون و حامدون و سائحون وراكعون و ساجدون) لأنها جميعها عبارة عن صفات لا حركة فيها للفعل او (الفاعل والمفعول به) لأنها مجرد صفات لأمر قد يفعله الناس او لا يفعلونه ومن ان الحركة الفعلية غير موجودة فيها..

واما وعندما يقول (عابدين) فإنها تؤكد على حدوث الفعل او الحركة وكقوله عز من قائل:

(((قل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين)))

وبحيث ترون هنا بأنه قد قال (عابدين) ولم يقل (عابدون) لان الأولى تأكيد على حركة حدوث الفعل وحتى وان كان مشروطً وعلى حين ان الثانية مجرد صفة لا حركة فيها ولا يصلح استخدامها عندما نتحدث عن فعل نريد تنفيذه وحتى وان كان وقت تنفيذه لم يحن بعد.

وبإمكانكم تطبيق هذه القاعدة مع ميزانها دائماً وعلى جميع المصطلحات التي تأتي بهذا الشكل وبحيث ان قوله (الصابئون) عبارة عن صفة لحالة لا حركة فيها لأنها مجرد صفة وعلى حين قوله (الصابئين) يفيد اشخاص قد قاموا بتنفيذ الفعل الصائب وتحركوا فيه.

وعليه
فإن مصطلح (العالمون) يفيد الصفة الخاصة بالعلم ودون وجود فعلٍ فيها اكان فاعلً او مفعولً به لأنها مجرد صفة لا حركة فيها..

واما مصطلح (العالمين) فيفيد جماعة محددة من أصحاب العلم وقد قاموا بالدراسة او الحركة في سبيل العلم أكانوا فاعلين فيه أو حتى مفعول بهم علمياً لان العلم قد وقع في حركته عليهم..

واما مصطلح (العلماء) فقرؤها في صيغة المفردة المخصصة جدا لأشخاص ذو مرتبة خاصة جدا وكما تقرؤون مصطلح (السفراء) او (الوزراء) لأنها تتحدث عن جماعة خاصة جدا في موضوع العلم وكحال الرسل والانبياء والراسخين في العلم.

وكل الحب والسلام للجميع


محمد فادي الحفار
15/4/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق