أربعين سنة من حياته قضاها موسى مع شعبه في ما يسمى بالتيه..
فهل كان تائه معهم في هذا التيه فعلً ام انه كان كارهً للوطنية المدنية التي تؤدي حتمً الى العبودية ولايريد العودة لها لانه يعرف تمامً بان المدنية او الوطنية تعني العبودية للمكان وعدم التحرر منه؟؟
نعم احبتي
فلم يكن موسى تائه في حياته ابدً وخاصةً في هذه الاربعين سنه منها والتي قضى فيها أجمل لحظات الحرية بأجنحته القوية التي تعانق الربوبية..
كان حر بل وسيد الاحرار وقائد الثورة ضد العبودية ومن انه لم يكن تائه أبدا وانما يحاول جاهدا أن يفرض على شعبه نوعً من حياة البدو الرحل لكي يعلمهم من خلالها معنى الحرية والحركة وعدم الثبات ويخرجهم من الوطنية او عبادة المكان الى الحرية في ملكوت الله وأنطلاق العقل نحوا المجهول ودون أي خوف منه ليحقق بأنطلاقته هذه أقوى المعجزات..
نعم
كان حرا وعارف تماما لما يريده لنفسه ولشعبه وعلى حين أن شعبه من كان تائهً عن المعرفة و عابد للوطنية والثبات فتاه في تيه النفس بين مفهوم العبودية الصنمية والحركة والحرية التي تصنع المعجزات..
فموسى كان يعرف تمام المعرفة الطريق المؤدي الى مدينة القدس أو ارض الميعاد المقدسة كما يقال لها في عرف شعبه ورغم معرفته التامة بانها ليست مقدسة وليست بارض الميعاد لان القدسية لله فقط ولان ارض الميعاد هي عودة النفس الى ربها راضية ومرضية لتدخل جنته حينها والتي هي دار السلام..
اي انه كان يستطيع أن يأخذ شعبه الى نهر الاردن ومن بعده الى ارض ميعادهم الوهمية من اليوم الأول الذي خرج فيه من مصر ولكنه لم يكن يريد هذ لهم ولا لنفسه ايضا لكي لا يعيد التاريخ ذاته وتولد وطنية جديدة في مكان جديد وعبودية صنمية جديدة لطاغوت جديد وفرعون جديد وبحيث انكم ستدركو معي لاحقً بان خليفة موسى (طالوت) وعندما قال للشعب (ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني) كان يقصد به نهر الاردن المؤدي الى مملكة الشيطان الجديدة والتي سيقال لها لاحق مدينة القدس..
اذن
فان قائد ثورة الحرية موسى كان يريد أن يبقى حرا يطير في ملكوت الله بجناحي نسر ذهبي عظيم ليحقق من خلال تحليقه الرائع هذا اجمل المعجزات لانه عاشق للحرية وناسكا متعبدا فريد من نوعه في محرابها ومن انه قد بقي حرا طليقً حتى أخر لحظة من حياته التي حلق فيها فوق الجبال والهضاب والوديان ليتبعه شعبه أينما ذهب وكما تبع الطفل الكرتوني "ببيرو" نسره الذهبي ليدله على مدينة الأحلام الذهبية الايلدورادو في القصة التي يعرفها اكثرنا..
نعم احبتي
فلم يكن موسى يريد لشعبه الوصول الى حلمه الوهمي في المدينة المقدسة لانه يدرك تمام معنى التحرر من المكان وبحيث انه كان يحاول دائما أن يجعل شعبه يفهم هذا وبأن الحياة تكمن في الحرية والحركة وبان الموت يكمن في الصنمية او قطعة الارض التي تسمى بالوطن لكي لا يصبحو بعدها وطنيين ومن ثم مجرمين وسفاحيين مدافعين عن هذه الوطنية الزائفة لان الوطنية هي الصنمية الكبرى وهي الخطر الاكبر على اهل السلام وجميع دعات الحرية..
ولكن شعب موسى كان مؤمن بالموت والصنمية وعبادة الوطن من خلال تعلقه بمدينة فرعون الوهمية التي عاش فيها سنين طويلة والتي كانت مرسومة باتقان من خلال ريشة الشيطان المزخرفة بالألونه النارية الذاهية التي تجذب اليها الفراشات الغافلة عن مصيرها المحتوم بالموت والأسر والعبودية..
نعم
لقد بقي موسى حرا وطائر ذهبيا رائع محلقً في سماء الحرية حتى شعر بالتعب وبأن الموت قد أصبح على الأبواب فقرر أن يستريح و يرح شعبه من الركض خلفه وهوا يحلق في ملكوت الله ليبحث عن خفايا العلم الكوني فكان منه ان أختار لهم قائدا جديد من بعده ليخلفه فيهم..
ولكنه لم يختر لهم طائرا حرا مثله لأنه وبكل بساطة لم يكن هناك من هوا مثله وانما اختار لهم قائد له احلامه الوطنية شئن جميع افراد الشعب ومن ان هذا القائد الجديد قادر على ان يصنع لهم احلامهم في مدينة جديدة للعبودية ولكنها ستبقى خيرً لهم من العودة الى العبودية في مصر والتي كانت تمثل معقل الشيطان الاكبر في نظر موسى..
وعليه
فان موسى كان يدرك تمامً تخبط شعبه بين مفهوم الحرية الصحيح (الكامن في العقل الباطن لهم وبما ورثوه عن ابائهم واجدادهم الانبياء ابراهيم واسحاق ويعقوب والذين كانوا جميعهم بدوا رحل واحرار لايقبلون بقيود المدينة) وبين مفهوم العبودية المدنية التي تشربوها في دمائهم جيل بعد جيل تحت حكم الفراعنة حتى اعتادوا عليها واصبحت الحقيقية الوحيدة بالنسبة لهم وحتى وان كانوا عبيد ويسامون سوء العذاب فيها لانهم قد اشربوا العجل الصنمي في قلوبهم واصبحوا يعشقون الثبات والصنمية في الحياة المدنية التي اعتدوا عليها ورغم كل مافيها من ذل ودونية ومهانة لهم ومما دفع موسى لان يقول لهم عنها في احدى ايامه معهم (اتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير)..
نعم
فموسى كان يعلم تماما بأن شعبه قد أعتاد على العبودية المدنية وبأنه لن يخرج منها ابدا ورغم انه قد حاول جاهد أن يبقيهم أحرار لمدة أربعين عاما كاملة وهي الحياة التي عاشها معهم كقائد لهم لأنه يعرف بأن شعبه قد تخلق بأخلاق العبودية العقيمة ومن انه لن يفهم ابدا معنى الحرية التي تصنع المعجزات وبحيث عهد لطالوت المحارب بقيادة الامة من بعده لكي يحقق لها ما يرجونه من وطن لهم وليقينه بان طالوت مستعدا للفتك بأي أمة ستقف في وجهه أو في وجه تحقيق حلمه في أن يكون له بيت مستقر و مدينة يسكن فيها كباقي الأمم فكانت ارض الميعاد بالنسبة لهم هي بلاد الشام وعوض ان تكون عودة النفس الى حالة الرض وبان يكون الكون كله موطنها في جنة ربي السلام فضاعت حرية هذا الشعب مؤقتً وريثما يأتي المخلص الذي سيوضح لهم الفارق بين الحرية والعبودية ومن ان الوطنية هي العبودية بذاتها وهي اخطر اسلحة الشيطان التي يستخدمها ضدنا لنصبح وطنين وعابدين له بعبادتنا لهذا الوطن..
وعلى فكرة احبتي
من كان يظن بان السامري قد صنع للشعب تمثال على صورة العجل والذي هو وليد البقرة فسيكون مخطئ تمامً لان الشعب اليهودي موحد بالله منذ زمن ابراهيم واسحاق ويعقوب ولا يعبد الاصنمام ابدا..
ولكن الصنم الجديد الذي صنعه السامري لهم هو معبد او غرفة للعبادة وهو المقصود قرآنيا بعجل جسد له خوار لان العجل القرآني هو عكس مصطلح التجوال وبسب دخول حرف الجر والحركة القرآني "ع" والذي يعكس المعنى على الامر الكوني النافذ "جُل" الذي يفيد حالة التجوال وميزانه (جال. جول. جيل) فيصبح "عجل" وميزانه (عجال. عجول. عجيل) وجميعها تعكس حالة التجوال فيكون العجل هو الشيء الغير قادر على الحركة والتجوال لانه جسد جاسد في مكانه وله خوار وبمعنى انه سيصل في وقت من الاوقت لان يخر وينهدم وكما ان الجبال وبذاتها تخر هدا وبحيث ارجو منكم هنا قراءت منشور (العجل الاعرابي و العجل القرآني) لعلاقته الوثيقة جدا بهذا المنشور..
وعليه
فلقد صنع لهم السامري معبد لكي يعبدوا الله فيه بعدما ظن بان موسى لن يعود لكي يستطيع ان يصبح كاهن لهذا المعبد ويسود الامة التي ستصبح من عبيد هذا المكان ويصبح هو طاغيتها وفرعونها الجديد فتعود العبودية للشعب الذي جاهد موسى حياته كلها لكي يخرجه من هذه العبودية..
نعم احبتي
فها انا اعود واذكركم مرة اخرى بان الوطنين والوطنية ومحبي الوطن هم اخطر الناس على السلام العالمي وبانهم اخطر حتى من اصحاب الفكر السلفي الوهابي لان الوطنية هي اصل الشرك والعبودية لغير الله الداعي للسلام الذي لا ياتي بغير حرية وبحيث انني قلت لكم بان الوطنية حالة حيوانية دونية يجب التخلص منها لكي يصبح الانسان كائنً كوني سامي او طائر حر في الكون وقادر على فهم جميع اللغات ومعاشرت جميع الأجناس فتزداد معرفته ويكبر علمه.
فابحثوا عن اكثر الناس وطنية وحب للوطن في عصرنا هذا لتدركوا كلامي وبانهم اخطر الناس على السطح الارض ومهما رسمو لكم على وجوههم عبارات الحب والسلام والامتنان ومن ان كل من يدعو إلى الوطنية او القومية (عربية كانت أم عبرية ام فلسطنية ام سورية ام مصرية) هو صاحب فكر إرهابي متطرف لأنه يرى ببقعة من الأرض وطن له فيحبها ويقدسها ورغم انه لا قدسية لغير الله فينتج عن هذا الحب للوطن الموت والدمار والخراب وسفك الدماء بحجة الدفاع عنه..
وهذا هو حال الشعب اليهودي والذي يندرج ضمنه جميع شعوب الشرق الاوسط التي تلهث خلف القومية والوطنية ومن انني شبته لكم بالطفل الكرتوني "ببيرور" الذي يركض خلف النسر الذهبي الحر باحثً عن مدينة الإلدورادو الذهبية (مدينة الشيطان والوطنية او القدس الزائفة) دون أن يتعلم أبدا بأن أجمل لحظات الحرية هي تلك التي عاشها أثناء رحلته في البحث عن الحرية وليس في وجودها أو الوصول إليها من خلال ما يسمى بالوطن او الوطنية او مدينة الألدورادو الذهبية او القدس الوهمية.
وكل الحب والسلام للجميع
محمد فادي الحفار
28/10/2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق