الأحد، 26 أبريل 2020

المنشور "24" (قاب و عقاب)



دخول حرف الجر والحركة "ع" على بعض الجذور القرآنية...

... قاب و
عقاب ...

يعتقد اكثرنا بأن مصطلح (العقاب) القرآني يفيد محاسبة المخطئين على اعمالهم وسيئاتهم ومن خلال وضعهم في السجن او تعذيبهم والتنكيل بهم او حتى اعدامهم ان لزم الامر وبحيث ان قوله عز من قائل عن الله بانه (شديد العقاب) أي انه ينتقم من المخطئين اشد انتقام وبما لديه من اساليب التعذيب او القهر وهذا ليس صحيحً ابدا وانما وهو من اللغو الآعرابي الذي ماأنزل الله به من سلطان في كتابه..

بل ان اكثرنا ينظر الى الامراض المستعصية والاعاصير والزلازل المدمرة والمصائب بشتى انواعها على انها عقاب من الله لنا وذلك لأننا تربينا على صورة هذه الإله الأعرابي الرهيب او الطاغية الجبار الذي يدمير كل من لا يطيعه وينفذ اوامره وكأنه دكتاتور مختل عقليا ولا رحمة في قلبه ورغم ان الله ربي كريم غفور وممتلئ بالحب والرحمة لجميع كائناته وليس كما صوره الآعراب لنا وعلى انه وحش مخيف ولايملك ادنى رحمة..

وعليه
فإنني اعود وأؤكد عليكم دائماً بأن ترموا كل مامعكم من لغة الاعراب ولغوهم وتعودوا الى جذور القرآن الكريمة والمنهج الكوني الذي اضعه لكم فأقول:

أن مصطلح (العقاب) القرآني لا يفيد المعنى الاعرابي له وانما يفيد المسافة البعيدة عنا ومن أنه عكس مصطلح (قاب) والذي يفيد المسافة الصغيرة ولقوله عز من قائل (قاب قوسين او ادنى) وبمعنى ان المسافة بينهما اصبحت صغيرة...

اي أن جميع المصطلحات القرآنية من "عقب" و "عقبا" و "عقاب" و "عاقبة" تعود في اصلها الى الأمر الكوني النافذ (قُبَّ) والذي يفيد تصغير المسافة بين الاشياء وميزانه (قاب. قوب. قيب) والتي تفيد جميعها موضوع المسافة..

قُبَّ (قاب. قوب. قيب) وجميعها تفيد موضوع المسافة الصغيرة بين الاشياء وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ع" والمختص بعكس المعنى فيصبح عندنا:
عقب (عقاب. عقوب. عقيب) وجميعها تفيد المسافة البعيدة بين الاشياء وكما سيتضح لكم ادناه..

اي ان قوله عز من قائل بأن الله (شديد العقاب) تفيد معنى (بعيد المنال) ومن اننا لانصل إليه ومهما حاولنا لأن العقاب القرآني عكس القاب...

ولا يصلح ان نخلط هنا بين مصطلح (قاب) ومصطلح (قريب) وعلى انهما يفيدان المسافة لان القريب هو الذي يقدم القربان لي ولا علاقة له بالمسافة في القرآن الكريم..

اي انه لا يصلح ان نطلق على الذي يقف بجانبنا عبارة (قريب مني) لان الصحيح هو ان نطلق عليه عبارة (قاب مني) وذلك لان القريب القرآني هو الذي يُقربك ويقدم لك القربان وبحيث يجب عليكم هنا قراءة منشور (قريب الآعراب و قريب القرآن)..

اذن
فإن مصطلح (قاب) هو الدلالة على المسافة الصغيرة بين الاشياء او الكائنات وعلى حين مصطلح (عقاب) هو عكسه ومن انه دلالة على المسافة الكبيرة بين الاشياء..

واعتقد بأن اجدادنا قد اطلقوا على ذلك الطائر الضخم الذي يحلق بعيد في السماء لقب (العقاب) لانه يحلق بعيد جدا ونكاد لا نراه او لا نرى تفاصيل شكله وبنيته وذلك لبعد المسافة بيننا..

والان
وان نحن عدنا الى الغو الأعرابي ومفاهيمهم المغلوطة لمصطلحات القرآن الكريم واعتبرنا بأن العقاب القرآني يفيد العذاب والتنكيل فهذا معنها بأن مصطلح (العاقبة) يفيد المعنى ذاته من العذاب والتنكيل ولقوله وعلى سبيل المثال (انظر كيف كان عاقبة المكذبين) وبمعنى انظر كيف كان عذابنا لهم وانتقامنا منهم أليس كذلك؟

وعليه
وإن كانت العاقبة من العقاب وكان العقاب من العذاب والتنكيل فماذا عن قوله عز من قائل (والعاقبة للمتقين)؟
وهل هذا معناه بأن الله سيعذب المتقين وينكل بينهم ويدخلهم في جهنم وهو من قال بأن المتقين في جنات عيون؟؟؟
فكيف سيعاقب المتقين وهم في جنات وعيون؟!!!

واما وان انتم ادركتم معي بأن العقاب يفيد المسافة الكبيرة وبأنه عكس القاب الذي يفيد المسافة الصغيرة لاتضحت لكم الصورة دون اي شك وفهمتم جميع تاليات القرآن الكريم عن معنى العقاب ومافيه من رحمة..

نعم
فقوله عز من قائل (عاقبة المكذبين) تفيد عملية ابعاد هؤلاء المكذبين..
وقوله (العاقبة للمتقين) اي ان الابتعاد هو فعل من افعال المتقين الانهم متقين بطبعهم وبكل بساطة..
فالمتقي هو ذلك الانسان الحريص او الذي يقي نفسه من جميع الاشياء خوفً من الضرر فيكون الابتعاد عنها هو عمله وتخصصه بحكم طبيعته او طبيعة الاتقاء الموجودة فيه..

وايضا فإن قوله عز من قائل (لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه) تفيد المعنى ذاته ومن ان الذين يتبعون النبي يكونون على مسافة صغيرة منه وعلى حين ان الذين ينقلبون على اعقابهم هم اؤلائك الذين ابتعدوا عن الرسول....

وكذلك هو الحال بالنسبة لاسم (يعقوب) ومن انه الذي يبتعد عن الاشياء لانه عكس مصطلح (قوب) والذي هو المسافة الصغيرة او التي لاتكاد تكون موجودة بين الاشياء..

واما المعقبات فهي تلك الكائنات المختصة بعملية التفريق او الابعاد وكأننا نقول (المُفرقات)...

فقوله عز من قائل (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله) اي له كائنات تبعده عن الأشياء التي يجب الابتعاد عنها لكي يحفظونه من امر الله..

وايضاً فإن قوله عز من قائل عبارة (فلا اقتحم العقبة) تفيد المعنى ذاته ومن انه قد اقتحم كل الاشياء البعيدة عنه وحاول الوصول اليها وبحيث ان هذا الامر من صفات الانسان وبشكل عام ومن اننا جميعنا نحاول ان ندرك كل ماهو بعيد عنا ونفهمه..

وكل الحب والسلام للجميع


محمد فادي الحفار
17/4/2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق