الأحد، 26 أبريل 2020

المنشور "17" (صام و عصام)



دخول حرف الجر والحركة "ع" على بعض الجذور القرانية...

... صام و عصام...

يعتقد البعض ممن يسمون أنفسهم بعلماء اللغة العربية او العارفون بكتاب الله بأن مصطلح (العصمة) القرآني يفيد الأنبياء والرسل ومن أنهم لا يقعون في الخطأ ولقوله (والله يعصمك من الناس) وبحيث يعتقد البعض الأخر بأن العصمة هي الامتناع عن فعل الشيء (وكما استعصم يوسف عن امرأة العزيز) وبحيث ذهب بعضهم الأخر الى أن العصمة تفيد السيادة والقيادة وولاية الأمر وبحيث اصدروا لنا الفتوى في موضوع الزواج وبأن المرآة لايحق لها ان تطلق الرجل لان العصمة او السيادة للرجل فقط..!!!


أي أنه وكما ترون معي هنا بأن مصطلح العصمة القرآني قد أصبح مطاطياً وله الكثير من المعاني وكحال جميع مصطلحات القرآن الكريم او أكثرها وذلك بسبب اللغو الأعرابي فيها او محاولة اللغويين الإعراب في سبر أعماق القرآن الكريم واستخراج مكنوناته دون قاعدة ثابتة يعتمدون عليها سوى الاستنباط والذي لايتعدى كونه اجتهاد شخصي قابل للخطأ حتما لأنه لا يعتمد على قاعدة ثابتة كما سبق وذكرت لكم..

واما المنهج القرآني الكوني والذي يؤكد لكم دائماً بأننا وان كنا نريد ان نفهم المعنى الصحيح لاي مصطلح من مصطلحات القرآن الكريم او حتى لغتنا العربية عامةً فلابد لنا وان نعيده الى اصله او فعل الامر الكوني المشدد الخاص به وعلى وزن (كُنَّ) وميزانه (كان. كون. كين) وذلك لأن جميع مصطلحات القرآن الكريم عبارة عن افعال وتعود في أصلها الى فعل الامر الكوني الخاص وهذه قاعدة ثابتة دائماً..

وعليه
ولكي تدركوا معي معنى مصطلح العصمة القرآني ومن خلال جذره الكوني المشدد الخاص به عليكم أن تتذكروا الجزء 
الأول من هذا البحث والمعنون ب (الصوم القرآني و الصوم الأعرابي) بأنه لا يوجد شيء اسمه شهر الصيام والامتناع عن الطعام والشراب لفترة زمنية محددة من كل عام في قرآننا الكريم وكما هو حالنا مع الصيام الأعرابي لأن الصيام القرآني لا يفيد الامتناع عن الطعام والشراب فقط وإنما هو اكبر من هذا بكثير وبحيث وضحت لكم الأمر وبأن مصطلح الصيام القرآني من فعل الأمر الكوني النافذ (صُمَّ) والذي يفيد قدرتك على التصميم ومن جذره المفتوح (صَ مَ مَ) والذي يفيد معنى التصميم على فعل الشيء ومن ميزانه الكوني (صام. صوم. صيم) ومن أنها جميعها تفيد معنى التصميم...

صُمَّ (صام. صوم. صيم) وجميعها تفيد معنى التصميم وبحيث يدخل عليها حرف الجرة والحركة "ع" والمختص بعكس المعنى او توقيف حركة الفعل فيصبح عندنا:
عصم (عصام. عصوم. عصيم) والتي تفيد جميعها إيقاف عملية التصميم..

نعم احبتي
فالعصم والعصام هو فقدان القدرة على التصميم او توقف فعل التصميم عن عمله وبحيث أن فعل الأمر الكوني الخاص بها هو الأمر الكوني النافذ (صُمَّ) والذي يفيد عملية التصميم وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ع" والمختص بتوقيف عمل الجذر القرآني عن عمله فيصبح عندنا (عصم. عصام) والتي تفيد توقف عملية التصميم وبحيث انني ساضع لكم بعض الامثلة على دخول حرف الجر والحركة "ع" على بعض المصطلحات القرآنية لكي لاتنسوا ابدا اهميته فأقول:

1- أن فعل الأمر الكوني النافذ (قُلَّ) يفيد الأمر بنقل الأشياء من مكانها وميزانه (قال. قول. قيل) والذي يفيد بجميع تفعيلاته معنى نقل الاشياء من مكانها وبحيث يدخل عليه حرف الجر والحركة "ع" والذي يوقف عمل الجذر فيصبح عندنا (عقل) وميزنه (عقال. عقول. عقيل) والذي يفيد بجميع تفعيلاته ايقاف عملية النقل...

2- أن فعل الأمر الكوني النافذ (جُلَّ) يفيد الأمر بالتجوال وميزانه (جال. جول. جيل) والذي يفيد بجميع تفعيلاته معنى التجوال وبحيث يدخل عليه حرف الجر والحركة "ع" والذي يوقف عمل الجذر فيصبح عندنا (عجل) وميزنه (عجال. عجول. عجيل) والذي يفيد بجميع تفعيلاته ايقاف عملية التجوال... وبحيث أن هذا سيتضح لكم في المنشور القادم والمعنون ب (عجل الاعراب وعجل القرآن)...

3- أن فعل الأمر الكوني النافذ (جُبَّ) يفيد الأمر بالجواب وميزانه (جاب. جوب. جيب) والذي يفيد بجميع تفعيلاته معنى الجواب وبحيث يدخل عليه حرف الجر والحركة "ع" والذي يوقف عمل الجذر فيصبح عندنا (عجب) وميزنه (عجاب. عجوب. عجيب) والذي يفيد بجميع تفعيلاته عدم القدرة على الجواب او ايقاف عملية الجواب...

4- أن فعل الأمر الكوني النافذ (سُرَّ) يفيد الأمر بالسير والسريان وميزانه (سار. سور. سير) والذي يفيد بجميع تفعيلاته معنى السير والسريان وبحيث يدخل عليه حرف الجر والحركة "ع" والذي يوقف عمل الجذر فيصبح عندنا (عسر) وميزنه (عسار. عسور. عسير) والذي يفيد بجميع تفعيلاته عدم القدرة على السير والسريان او ايقاف عملية السير وتعسيرها...



وهذا هو الحال ذاته مع فعل الأمر الكوني النافذ (صُمَّ) والذي يفيد الأمر بالتصميم على الشيء وميزانه (صام. صوم. صيم) والذي يفيد بجميع تفعيلاته معنى التصميم وبحيث يدخل عليه حرف الجر والحركة "ع" والذي يوقف عمل الجذر فيصبح عندنا (عصم) وميزنه (عصام. عصوم. عصيم) والذي يفيد بجميع تفعيلاته عدم التصميم او ايقاف عملية التصميم...

أي أن قوله عز من قائل (والله يعصمك من الناس) اي يمنع تصميمهم عليك او على شيء قد اتخذوه ضدك..
وكذلك فإن قوله (ساوي الى جبل يعصمني من الماء) أي أن هذا الجبل هو الذي سيمنع حالة التصميم التي أراها في الماء عني..
واما قوله (ومن يعتصم بالله) فيفيد ذلك الذي لا يصمم على أي شيء سوى الله...
أي أنني وعلى سبيل المثال لا اصمم على أن منهجي القرآني صحيح بشكل مطلق وغير خاطئ لأنني قد أكون مخطئ في أمري....
وأما الشيء الوحيد الذي اصمم عليه دائماً ومتأكد من عدم خطأي فيه فهو مسالة وجود الله فقط او ما أحله الله لي وحلله...

نعم
فإنا مصمم دائماً على وجود الله فقط وهذا لأنني اراه أينما وليت وجهي وبحيث أنني لا اصمم على أي شيء آخر سوى هذا الأمر فأكون قد اعتصمت بالله وبمعنى (قد امتنعت عن التصميم على أي شيء سوى الله وما أمرني به)...

وللتوضيح اكثر اقول:

ان انت صممت اليوم على انك تحب فلانً من الناس للابد فإن تصميمك هذا ليس صحيح لأنك قد تكرهه في الغد لأي سبب من الأسباب وبحسب تصرفه معك أليس كذلك؟
كما وأنك وان صممت على أن الأرض مسطحة أو أنها مركز الكون وكما كان يظن أجدادنا الأولين فقد يخرج من يؤكد خطأ تصميمك هذا ويثبت أنها كروية وبأنها ليست مركز الكون...
بل حتى التصميم بأنها كروية ليس صحيح لانه قد يخرج من يثبت بأنها بيضاوية الشكل او حتى عشاوئية او غير هذا..

أي أن الخلاصة تقول لك هنا بأن لا تصمم على شيء بشكل مطلق ونهائي سوى تصميمك على وجود الله فقط لأنه التصميم الوحيد الذي لا يستطيع أحد أن يثبت عكسه او يثبت خطاك فيه وذلك لأن وجود الله معضلة جدلية ولا نهاية او حتى بداية لها...

اذن
فلا تصمم على اي شيء وتعطي فيه رأيك النهائي لانك ستكون مخطأ حتماً مهما كانت ثوابتك العلمية التي تعتمد عليها لانه لا يوجد شيء ثايت وكل شيء متغير...
واما الشيء الوحيد الذي ان تصمم عليه وبشكل قطعي فهو مسالة وجود الله فقط لأنه ايمانك الشخصي والذي لن يستطيع اي إنسان اليوم او غدا او بعد مليون سنة ان يثبت عكس هذا الامر ومن انه لا وجود لله وخاصة واننا نرى وجه الله اينما ولينا وجوهنا نحن المؤمنين بوجوده..

ومن هنا فقط يتضح لكم موضوع الصيام او التصميم عند جميع الأنبياء والقديسين ومن انه قد كان تصميم مؤقت فقط وليس تصميم مطلقً وكحال السيدة مريم والتي قالت (ني نذرت للرحمان صوما ولن اكلم اليوم انسيا) ومن ان تصميمها على عدم الكلام كان ليوم واحد فقط وليس تصميمً دائما لا تستطيع تنفيذه لا هي ولا غيرها ابدا..

وعليه
فإنني اصمم على شيء لوقت محدد او أيام معدودات او حتى بضع سنوات ومن ثم ينتهي هذا التصميم بالوصول الى الهدف المنشود منه لأنه لا يوجد تصميم نهائي ومطلق على شيء واحد أو محدد سوى تصميمك على وجود الله فقط او ما تراه انت بانها أوامره لك فتكون حينها من الذين يعتصمون بالله لأنهم لا يصممون على أي شيء بشكل مطلق سوى تصميمهم على أوامر الله أو على وجود الله فقط.

ويبقى أن أضع لكم منشور (العجل القرآني والعجل الأعرابي) في الأيام القريبة المقبلة لكي أؤكد لكم موضوع دخول حرف الجر والحركة "ع" على الجذور القرآنية وروعة عمله فيها.

محمد فادي الحفار
4/3/2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق