الأحد، 26 أبريل 2020

المنشور "18" (صير و عصير)



دخول حرف الجر والحركة القرآني "ع" على بعض المصطلحات القرآنية

...المصير و العصير...

قال لي كيف تدعي بان جميع مصطلحات القران الكريم عبارة عن أوامر كونية او افعال فردية تعود في اصلها الى الفعل الفردي الصادر عن فاعل فردي هو الله الفعال لما يريد كما تقول وبحيث انه لايوجد مصطلح قراني واحد لا نستطيع رده الى جذره الثلاثي او فعل الامر الكوني الخاص به وعلى حين اننا نرى الكثير من المصطلحات القرآنية التي لا يوجد لها اي تفعيل لانها مجرد صفات او اسماء لا نستطيع تفعيلها ومن بينها مصطلح (مصر)
ومصطلح (العصر) على سبيل مثال هنا؟
فهل تستطيع ان تقول لي ماهو الفعل الفردي الثلاثي الخاص بمصطلح (مصر) او مصطلح (عصر) لم سمحت؟
فمصطلح (مصر) اسم او صفة لا تفعيل لها وبحيث انك لن تستطيع ان تجعل منها فاعلً او مفعول لانها اسم وليست فعل في اصلها يا سيدي الكريم اليس كذلك؟

واما جوابي عليه فهو ان اعود واؤكد عليكم مرة اخرى وبانه لايوجد اي مصطلح من مصطلحات القرآن الكريم لا يعود في اصله الى الفعل الثلاثي الخاص به او الى فعل الامر الكوني النافذ الخاص به لان القرآن الكريم كتاب افعال وذلك لانه كلام الله الفعال لما يريد وبحيث ان كل كلمة من كلماته عبارة عن فعل من افعاله لانه فعال لما يريد وكما سبق وذكرت لكم..

وعليه
وعلى بركة السلام ابتدء معكم الان بشرح مصطلح (مصر) ومن ثم انتقل الى مصطلح (عصر) فأقول:

ان جميع المصطلحات القرآنية من "صر" و "صار" و "صور" و "صرهن" و "اصرا" و "مصر" و "امصار" و "المصير" و "عصر" و "المعصرات" و "العصير" والكثير غيرها عبارة عن تفعيلات للامر الكوني النافذ (صُرَّ) والذي يفيد حالة الاصرار والصيرورة وميزانه (صار. صور. صير) والذي يفيد في جميع تفعيلاته معني الصيرورة او الحال الذي يصير عليه...

صُرَّ (صار. صور. صير) وجميعها تفيد حالة الصيرورة او ما سيصير إليه الامر او الحال....

فعندما اقول لك وعلى سبيل المثال عبارة (انا اصر) فانها تفيد حالة الاصرار التي عندي..
وعندما اقول ايضا عبارة (انا مُصر) فانها ايضا تفيد حالة الاصرار
وكذلك هو الحال بالنسبة للجماعة ان قالوا (نحن نصر) فانها تفيد حالة الاصرار..
اي ان قول عيسى عليه افضل صلوات ربي لاتباعه عبارة (من انصاري الى الله) تفيد معنى الاصرار وبانه يريد ان يعرف من هم المصرين معه على المتابعة في مسيرته ودعوته لله لان النصر من الاصرار ولاياتي بغير الاصرار..

اي ان قوله عز من قائل (الا ان نصر الله قريب) تفيد حالة الاصرار الإلهي او ما سيصير عليه الحال لاحقً بفضل الله وذلك لان الله ربي ليس في ساحة معركة مع الانسانية وبحيث انه كان مهزوم وخاسر وينتظر الفرصة لكي يفوز عليهم والعياذ بالله من هذا وهو الذي اذا اراد شيء فانما يقول له كن فيكون..

وعليه
فإن مصلح (صر) و (اصر) و (مصر) و (نصر) من الاصرار والتصير والصيرورة ومن امر الكوني النافذ (صُرَّ) وليسو بصفات لا تفعيل لها او حالات فوز وهزيمة وما الى ذلك من لغو الأعراب لان الامر الكوني النافذ (صُرَّ) يفيد حالة الاصرار والصيرورة وبأن تستطيع ان تصير الاشياء لكي تصير بمصيرها تابعة لك لانك تملك القدرة على الصيرورة او تصير الاشياء لكي تصير إليك.

أي انني وعندما اقول لك وعلى سبيل المثال عبارة (هذا الخروف صار لي فلا تقربه) فانها دلالة على ان صيرورة ملكية هذا الخروف اصبحت لي انا ولا يحق لك ان تستخدمه..
واما وان كنت اقدمه لك كهدية فأستطيع ان اقول (صيرته لك) وبمعنى ان صيرورته وحتى مصيره اصبح تحت تصرفك انت لانني قد نقلت لك ملكيته..
وكذلك هو الحال وان كان عندي عدد من الخراف واريد ان اجعلها تابعة لك في مصيرها وصيرورتها فإني اقول لك (صيرتهن اليك) وبمعنى انني انا من جعلتهم تابعين لك..
واما وان كنت اريد منك ان تحاول بنفسك تصيرهن ودون مساعدة مني فإن اقول لك (صرهن اليك) وبمعنى اجعلهم انت بنفسك يصيرون اليك او تابعين لك في مصيرهم او ما سيصير عليه حالهم معك وبحيث انني سانتقل معكم الان لتالية الطير الخاصة بابراهيم والتي تقول (خذ اربعة من الطير فصرهن اليك) لكي اشرحها لكم فأقول:

إن اكثركم يعرف قصة ابراهيم مع الطيور الاربعة التي مزقها الى قطعً صغيرة وخلط لحومها وريشها ببعضه ومن ثم وضعها في اربعة اكياس (صرة كما يقول عنها الاعراب) ووضعها على اربع جبال ومن ثم دعاها اليه فتطايرت اشلائها في الهواء وتجمعت وعادت الى الحياة وذلك من اجل ان يطمئن قلب ابراهيم الى وجود ربه وقدرته اليس كذلك؟!!!!

وعليه
فان كان ابراهيم بذاته لم يطمئن قلبه الى قدرة ربه الا بعد معجزة خارقة وهو من اصحاب العزم كما يقولون عنه فكيف لنا نحن الضعاف في الارض ان نؤمن بوجود الرب وقدرته وبغير معجزة؟
السنا الاحق بهذه المعجزة من ابراهيم لكي تطمئن قلوبنا وبدورنا وذلك لاننا نحن المشككين والخائفين وعلى حين ان الانبياء اقوى منا بايمانهم ولايحتاجون الى معجزة؟
أم ان رب الاعراب يذهب الى الاصحاء الذين لايحتاجون الى العلاج لكي يعالجهم ويترك الاكثيرة الساحقة من المرضى بغير علاج!!!!

واما انا فاقول لكم بان المعنى القرآني الصحيح لتالية (صرهن اليك) يفيد موضوع التصير كما شرحت لكم اعلاه وبحيث ان الرب المربي تبارك وتعالى قد طلب من ابراهيم ان ياخذ اربع كائنات (اربعة من الطير) ويجعلهم تابعين له بالملكية والصيرورة ومن انه وان فعل هذا واكتسب ثقة هذه الطيور الاربعة فانه وحتى ان وضعهم بعدها على رؤوس الجبال ونادهم فسياتون اليه مسرعين ليدرك بعدها الجواب على سؤاله عن كيفية احياء الموتى وبحيث انكم وبانفسكم تستطيعون تجربة هذه الطريقة وبأن تقوموا بتربية اربعة من الحيوانات (كلاب او ماعز او حتى حمام او صقور) وتكتسبوا ثقتها وكيف انكم وان وضعتموه بعدها في اي مكان ومهما كان بعيد عنكم وناديتم عليهم فإنهم سيعودون اليكم حتمً...

وارجوا منكم احبتي ان تلاحظوا هنا بان مصطلح (الطير) القرآني ليس خاص بالكائنات التي تحلق في الجو وانما هو خاص بجميع الكائنات القادرة على التطور وبحيث يندرج ضمنها جميع الكائنات الاممية وبما فيها الانسان ايضا..

اذن
فأن الرب المربي يقول لابراهيم هنا بأن خذ اربعة من الطير وصرهن اليك (وبمعنى اجعل صيرورتهم ومصيرهم تابع لك) وبحيث انك وان وضعتهم بعدها في اخر الدنيا ودعوتهم اليك فسيأتون من كل بد...
وهذا هو الذي سأفعله مع عبادي الاموات الضالاين في الارض وباني وعندما ادعوهم الى فسياتون حتمً لاني ساجعلهم يشعرون بالامن والامان معي...

نعم احبتي..
فسؤال ابراهيم كان عن الموتى وليس عن الذين وافتهم المنية وتوفاهم الله لان الفراق بين الموت والوفاة كبير جدا وبحيث ان ابراهيم قد سأل عن هؤلاء الاموات في الارض والذين لاينتجون شيء ولايرون عظمة العلم وملكوته وكيف سيخرجهم الرب مما هم فيه من ضياع فقال له (ربي ارني كيف تحي الموتى) فضرب له حينها مثلا رائعً عن هذا وقال له اعتني باربع طيور لفترة زمنية محددة واجعلهم يصيرون اليك ويشعرون بالحب والامان معك لتراهم وهم يتبعونك اينما ذهبت وبحيث ان هذا هو حالى مع الموتى من بني ادم وكيف اني ساجعلهم يشعرون بالامن معي ويؤمنون بي ويأتون الي من كل مكان...

وهذا هو الرب المعلم عبر التاريخ احبتي وكيف انه يأتي الى تلاميذه من الصالحين رحماء قلوب ويعلمهم الحكمة والحب والسلام لكي يعلموننا وبدورهم لاننا جميعنا خلفاء له في الارض وبحيث ان كل المخلصين عبر التاريخ كانوا رحماء القلب وكانت أسئلتهم فلسفية وعن كيفية احلال السلام على الارض والكف عن سفك الدماء (وليست اعجازية وكما يراها سفهاء الاعراب) وبحيث ياتيهم الجواب من الرب المربي بان السلام لن يحل على الارض الا من خلال الحب والتعامل مع الكائنات الارضية جميعها وكانهم ابنائنا الصغار وبحيث نصبر عليهم ونربيهم بدورنا على الحب فيصيروا اتباع لنا لانهم سيرون فينا الصدر الحنون لهم..

اي ان الدرس الذي تلاقه ابراهيم عن ربه وكاجابة منه على سؤاله عن كيفية احياء هؤلاء الاموات في قلوبهم واخراجهم من همجيتهم الى السلام دينهم وبانه ليس مطمئن لانه سيكون هناك يوما للسلام على الارض وكما طلب منه ربه سابقا ( لاتموت الا وانت على السلام ) فقال له كيف السبيل الى السلام مع مجرمين لايدركون عظمة السلام؟ فقال له افعل هذا مع الطيور والتي هي كائنات غير عاقلة نسبيا لتدرك بانني وبدوري وفي يوم من الايام ساصل لان افعل هذا مع ابني الانسان واجعله مسالما لانني انا من ابني فيه كيانه المسالم عبر العصور لاجعله ربانيين مثلي وقادر على التربية والعطاء لغيره من كائنات الارض والتي هي مملكته وسيجلس على عرشها في يوم من الايام.

وانتقل معكم الان الى مصطلح
(العصر) فأقول:

ان جميع المصطلحات القرآنية من "صر" و "صار" و "صور" و "صرهن" و "اصرا" و "مصر" و "امصار" و "المصير" و "نصر" و "الانصار" والنصارى" و "العصر" و "المعصرات" و "العصير" والكثير غيرها عبارة عن تفعيلات للامر الكوني النافذ (صُرَّ) والذي يفيد حالة الاصرار والصيرورة وميزانه (صار. صور. صير) والذي يفيد في جميع تفعيلاته معني الصيرورة او الحال الذي يصير عليه...

صُرَّ (صار. صور. صير) وجميعها تفيد حالة الصيرورة او ما سيصير إليه الامر او الحال وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ع" والذي يعكس معنى المصطلح فيصبح عندنا:
عصر (عصار. عصور. عصير) والتي تفيد جميعها الحالة التي لاصيرورة فيها او لا تستطيع على الاصرار على شيء من تلقاء ذاتها لانها لا تمتلك حالة الصيرورة..

اي ان قوله عز من قائل
(وانزلنا من المعصرات ماء ثجاجا) يفيد كل شيء لا يملك حالة الاصرار او الارادة الخاصة به وبحيث ان الغيوم هنا تعتبر من المعصرات وكذلك الصخور والينابع وكل مصدر من مصادر الماء هو من المعصرات لانه ليس بكائن حي او كائن اممي ويملك الاصرار والارادة الخاصة به..

وكذلك فان قوله عز من قائل
(فاصابها اعصار فيه نار فاحترقت) اي اصابتها حادثة غير مفتعلة ولايوجد عندها اصرار او ارادة مبيته على الاذى وبحيث ان التسونامي البحري يسمى اعصار والعاصفة تسمى اعصار وحتى الحريق الذي ينتج عن البرق يصلح ان يطلق عليه لقب الاعصار لان هذه الحالات جميعها عبارة عن حوداث تحدث في الطبيعة وتسبب الكوارث والاضرار للانسانية رغم انها هي وبذاتها لا تملك حالة الاصرار المسبقة على الاضرار بالانسانية..

واما الان فدعوني اضع لكم هذه التالية الرائعة فاقول:

(((ودخل معه السجن فتيان قال احدهما اني اراني اعصر خمرا وقال الاخر اني اراني احمل فوق راسي خبزا تاكل الطير منه نبئنا بتاويله انا نراك من المحسنين)))

وعليه
لاحظوا معي هنا عبارة
(اعصر خمرا) واخبروني ماهو المنطق العقلاني فيها وكيف سيعصر صاحبنا الخمر هنا؟؟!!!
فان كان العصر يفيد عملية الضغط على الفاكهة لكي تتحول الى سائل ويصبح اسمها عصير وكان الخمر هو السائل الذي ينتج بعد عملية الضغط اصلا فكيف سيقوم بعصر الخمر وهو اصلا عصير؟؟!!!
فلو قال
(اني اراني اعصر عنبً واجعله خمرا) لكانت التالية منطقية وصحيحة ولا غبار عليها...
واما وان يقول
(اني اراني اعصر خمرا) فهذا لا منطق فيه ابدا لان الخمر هو العصير فعل ولا نستطيع ان نعصر العصير لانه فعلا عصير اليس كذلك؟؟!!

إذن
فنحن لا نقوم بعصر العصير لانه قد اصبح عصير فعلاً وانما نحن نقوم بعصر الفاكهة لكي تصبح عصير وهذا وان اعتبرنا هنا بأن مصطلح العصير يفيد عملية الضغط على الفاكهة لكي نستخرج منها السائل وكما هو الشرح الاعرابي لها..

واما انا فأقول لكم بان قول صاحب يوسف عبارة (اني اراني اعصر خمرا) اي اتوقف عن اصراري على شرب الخمر لان مصطلح (عصرا) عكس مصطلح (اصرا) او الاصرار...

أي انه لم يعد يجد في نفسه اصرار على شرب الخمر (لانه كان مدمن على الخمر قبل دخول السجن وعلى مايبدوا هنا) ومن انه قد قرر التوقف عن شرب الخمر او هكذا رأى نفسه في الرؤيا فقال (اني اراني اعصر خمرا) اي امتنع عن اصراري على شرب الخمر فجاءه جواب يوسف على هذه الرؤيا وبان قال له (ستسقي ربك خمرا) وذلك لان الساقي الذي يقدم الخمر للشاربين لا يشرب منه او حتى لا يشرب من شراب سيده..

اي ان تفسير يوسف للرؤويا مطابق لارادة صاحب الرؤويا وليس مجرد تكهن او ضرب بالنجم او تفسير عشوائي ولا قاعدة له.


محمد فادي الحفار
1/10/2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق