الأحد، 26 أبريل 2020

المنشور "10" (الحال و الرحال)



دخول حرف الجر والحركة "الر" على بعض المصطلحات القرآنية...

:::: الحال و الرحال ::::

لقد قال لي صديقي الملحد بأن القرآن الكريم فيه أخطاء حسابية تؤكد بأنه ليس كتاب سماوي وإنما هو كتاب ارضي ويحمل الكثير من الأخطاء في هذا المجال وبدليل التالية التي تقول (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) ومن أن مدة الرضاعة هنا هي عامين او سنتين او اربع وعشرين شهر ومن اننا نراه يقول في تالية أخرى (وحمله وفصاله ثلاثون شهراً) والتي تؤكد بان نهاية مدة الرضاعة تحدث بعد ثلاثين شهر او عامين ونصف ومما يؤكد بأن هذا الكتاب متناقض ولا يعتمد على مدة صحيحة..

فقلت له بأن مصطلحات القرآن الكريم دقيقة جدا ولا ترادف فيها أبدا وكما هو الحال في قواعد اللغة الاعرابية ومن أن الكلمة الواحدة لها أكثر من معنى وبحيث انك تعتقد هنا بأن مصطلح (الحول) هو ذاته (العام) و هو ذاته (السنة) وهو ذاته (إثنى عشر شهر) وهذا غير صحيح أبدا لأن كل مصطلح من مصطلحات القرآن الكريم له معناه الخاص به..


أي أنك وإن كنت متابعً للمنهج الجذري الذي اعرضه عليكم لما وجدت هذا التناقض الذي لا وجود له أصلاً...
فالعام القرآني من الشيء العام الذي يعُم على الجميع وليس مدة زمنية..
والشهر القرآني من الاشهار بالشيء وليس مدة زمنية
والسنة القرآنية من السنن والقوانين وليست مدة زمنية.
والحول القرآني من الحلول في الشيء وليس مدة زمنية..

وعليه
فكل ما درسته في مناهج اللغو الأعرابي باطل وعليك أن تتخلص منه وتعود معي للسان القرآن العربي وسننه الكونية لكي تستطيع فهمه فأقول:

إن جميع المصطلحات القرآنية من "حل" و "يحل" و "نحل" و "حالك" و "حاله" و "حالنا" و "حولنا" و "حولهم" و "الحول" و "الحولين" و "الاحوال" و "التحويل" والحيلة" وغيرها الكثير تعود إلى فعل الأمر الكوني النافذ (حُلَّ) والذي هو أمر بأن تكون قادر على الحلول في اي مكان وميزانه الكوني هو (حال. حول. حيل) وجميعها تفيد معنى الحلول في المكان..

حُلَّ (حال. حول. حيل) وجميعها تفيد معنى الحلول..

والجذر الثلاثي المفتوح للأمر الكوني النافذ (حُلَّ) هو (ح ل ل ) ...
وقولنا ( حلل ) عبارة عن فعل فردي عائد على فاعل فردي تقديره هو ومن انه ( هو الذي حلل في الشيء او المكان)..
وللجذر "حلل" الكثير من تفعيلات الحلول والتي قد لاتخطر على بالكم لانها اكثر مما نتصور وبحيث اني سابداء معكم ببعضها فقط ومن خلال هذا البحث الموجز ومن وضعي لحالة سافترض انها الاولى واقول:

اولاً.....
ان الجذر المفتوح ( حَلَلَ ) يفيد حلول الفاعل المنحل ( المادة المنحلة ) في المفعول به ( المادة الاخرى التي انحل فيها المنحل ) وكقولنا:

"اذا حلل السكر في الشاي بطلت مرارته"

فيكون السكر هو الفاعل الذي حلَّ في الشاي ويكون الشاي هو المفعول به والذي انحل فيه السكر لان ذرات السكر قد انحلت في ذرات الشاي واختلطت معه فاصبح الاثنان كيان واحد.

وايضا فان الطعام يكون فاعلاً مُنحلاً في الشيء وكقوله ( وطعام الذين اتوا الكتاب حِلًّ لكم ) وبمعنى ( حِ لْ لَّ .. لكم ) لانه مسموح لكم ان تجعلوه ينحلَّ فيكم ويصبح من مكونات بنائكم الجسدي لانه قد انحل فيه.

اذن
فان الحالة الاولى للحلول هي ان ينحلَّ الفاعل ( المُنحلَّ ) في المفعول به او ( المحلول به ) فينتج معنا حالةً جديدة لعنصرين قد اصبحا كيان واحد..
.................................................. ...............

ثانيا:
ان الجذر المفتوح ( حَلَلَ ) يفيد حلول الفاعل المُنحلَّ عوضاً عن الذي كان مُنحَلاً في المكان قبله ليطرده منه ويحلَّ هو محلَّهُ ويصبح هو صاحب المكان وكقولنا:

"اذا حلل النور في الغرفة رحل الظلام" ..

لان النور وعندما يحل داخل الغرفة فان ذراته تنحل في ارجائها وتختلط مع ذرات المكان وتعطيه طابعها النوراني فتصبح الغرفة كلها مضيئة وبعدما كان الظلام هو المنحل فيها ويعطيها طابعه.
اذن
فان الحالة الثانية للحلول هي ان يحلَّ الفاعل الذي حل او صاحب الحل او ( المُنحلَّ ) في المكان القابل لعملية الانحلال ليجعل هذا المكان خاص به وحده وكبديل عن المُنحلٍّ الذي كان قبله ورحل عنه.
ومن هنا تاتي موضوعية حلول الدم النظيف فيك عوضا عن الدم الفاسد ومن خلال عملية تغير الدم التي يقوم بها الاطباء والتي يجعلها بعض المتشدين جريمةً في حق الشرع وكانهم يرفضون حلول النور مكان الظلام؟
.................................................. ...............

ثالثا:
واما الحالة الثالثة فهي أن يَحِلَّ الفاعل الذي حل او صاحب الحل او ( المُنحلَّ ) بين حالتين او حولين متصارعين على المكان فيحول بينهم في صراعهم لأنه قد حل في المكان المتصارع عليه عوضا عنهما وفصل بينهما فيكون بانحلاله هذا قد (حال بينهما) ولكنه في الوقت ذاته قد حلَّ في المكان المتصارع عليه عوضا عنهما فيكون فِعلهُ ( مُنحلَّ و حالً ) في الوقت ذاته لانه قد إنحلَّ في المكان وحال بينهما في صراعهم على المكان.

وطبعا فأن الحالات الحلولية للحل والمحتل وصاحب الحلّ والذي يحول بين الحول والحولين والاحوال كثيرة جدا في تفعيلاتها وأكثر مما وضعه لنا اللغوين الاعراب في تفعيلاتهم لان الجذر القرآني المفتوح لأي مصطلح من مصطلحات القرآن الكريم قد تتجاوز تفعيلاته ال 100 تفعيلة ومن انها ليست سبع او ثمان حالات وكما هو الحال في المعاجم اللغوية الاعرابية وقواميسها لانهم لم يصلوا الى الجذر القرآني الصحيح للمصطلح في زمانهم ومما أدى وبدوره لأن يفرضوا علينا حروف للجر والعلة من عند أنفسهم وبما لم ينزل الله به من سلطان وكقولهم بان (من , الى , عن , على) هي حروف الجر في لساننا العربي وهذا ليس صحيح ابدا لانها مصطلحات تامة ولها جذورها كباقي المصطلحات القرآنية وكقولنا ( الذين منَّ الله عليهم ) وبان مصطلح "منَّ" في هذه التالية الكريمة يفيد مِنَّةَ الله المنان علينا وبانه ليس حرف جر قراني ابدا.

كما وانني قد ذكرت لكم سابقا بان حروف الجر القرانية والتي تدخل على الجذر وتعطيه تفعيلات كثيرة جدا هي الاحرف المقطعة في القران ( الم , الر , كهيعص , ن , ص وغيراها ) وبحيث انها تدخل على الجذر الثلاثي المفتوح وتعطيعه حركة فعلية من حال الى حال ودون ان تكسر محتواه لان التكسير الفعلي للافعال ليس موجود في لسان ربي السامي السالم من اي كسر وانما هو موجود في لغو الاعراب المكسر فقط..

و ساعطيكم بعض الامثلة على دخول حروف الجر القرانية على الجذر ( حلَّ و حال ) وكيف تجرها وتنقلها من مكان الى مكان او من حال الى حال ودون أن تغير معناها وكقولنا:

"لقد حل النور في الغرفة ورحل الظلام" , "لقد رحل النور عن الغرفة وحل الظلام".
فقولنا ( حل ) تفيد الحلول
وعندما يدخل حرف الراء القراني من الحروف المقطعة على الجذر "حلَّ" فانه يعطيه حركة في الاتجاه المعاكس للمكان الذي حلَّ فيه ودون ان يغير من عمل الحلول الخاص به او من معنى الحلول ابدا فتصبح ( رحل )..
نعم
فالذي حل علينا بالأمس قد رحل عنا اليوم...
ولكن عمله في الحلول لم يتغير ابدا لانه وعندما رحل عنا كان قد حل حتما في مكان اخر لان عملية الحلول حالة حتمية ومستمرة دائما.

إذن
فالنور قد حل علينا ومن ثم رحل عنا ليحل في مكان آخر حتما لان عمله في الحلول لا يتأثر بالمكان الذي حل فيه و رحل عنه.

حل (حال. حول. حيل) وجميعها تفيد معنى الحلول وبحيث يدخل عليها حرف الحركة والجر القرآني "الر" والمختص بالاستمرارية فتصبح:

الرحل (الرحال. الرحول. الرحيل) والتي تفيد جميعها حالة الحلول المستمرة لان الرحيل لاتعني السفر او الذهب وكما هو الشرح الأعرابي لها وانما تعني حالة الحلول المستمرة من خلال تغير المكان.

وكذلك فإن حرف النون القرآني من الحروف المقطعة ( ن , ومايسطرون ) يدخل على الجذر القراني ( حلَّ ) ويعطيه تفعيلة جديدة تفيد الجمع فيصبح ( نُحِلُّ نحن به ) وعلى وزن ( نُفعِّلاُ نحن به ) وبحيث يدخل حرف الالف على حرف النون ايضا ويعطيه حالةً انفعالية اكثر فيصبح ( إنْحلَّ به ) وعلى وزن ( إنْفعل به ) والتي تفيد عملية الانفعال بشكل اكبر فتكون مؤكدة على عملية الانحلال.

أي وإن قلت لكم (هو حلَّ بي) او (انا حللتُ به) او (نحن نُحِلُّ به) فستدركون موضوع الحلول بكل اشكاله وتفعيلاته ومما يجعلني اقول لكم بأن تالية النحل التي تقول:

(((واوحى ربك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون)))

تفيد بأن ربي تبارك وتعالى قد أوحى الى كل صاحب أمر كان قد انحل فيه هذا الامر (كان ينحل فيه العلم او المعرفة او شيء قابل للانحلال) بأن يقوم بتنفيذ ما كان قد إنحل فيه..
فمصطلح "النحل" هنا لايعني الحشرة وانما يعني كل من كان قد انحل فيه امر ما...
فانا من النحل وانت من النحل وجميعنا من النحل لانه قد انحل فينا امر من امور ربي واصبح حلال لنا لانه قد انحل فينا..

واما قوله عز من قائل (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) فتعني حالتين كاملتين من عملية الحلول ولا تعني عامين او سنتين وكما هو الحال في المفهوم الإعراب المغلوط لصديقنا الملحد طارح السؤال وبحيث ان معنى (حولين كاملين) في هذه التالية الكريمة يفيد حالتين من الحلول الكاملتين او وجبتين غذائيتين كاملتين في كل يوم وبحيث تنحل هاتين الوجبتين في جسد الرضيع فيقال عنهما (حولين) لانهما قد انحلتا في جسده مرتين ولان عملية الحلول المفردة يقال لها (حول) والتي هي تفعيلة أساسية من تفعيلات ميزان الحلول (حال. حول. حيل)..

اذن
فان قولنا (حول) هو المفردة والصفة لحالة الحلول التي حدثت وبحيث ان مصطلح (حولين) هو صفة المثنى لحالتي الحلول..

وعليه
فإن الجذر القرآني (حلَّ او حلل) له الكثير من التفعيلات الخاصة به وكقولنا مثل (الحلول والانحلال والنحول ولاحتلال والمحال والمستحال والاحتيال) وبحيث ان مقالي الصغير هذا لن يسعها حتماً ومن انني ساتوسع في شرح تفعيلاتها الجذرية من خلال المنشورات التي ساعرضها عليكم تباعً بإذن المولى تبارك وتعالى.

محمد فادي الحفار
8/10/2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق