دخول حرف الجر والحركة "ع" على بعض المصطلحات القرآنية
... رشَّ و عرشَ ...
يعتقد أكثرنا بأن مصطلح العرش القرآني يفيد معنى الكرسي او المقعد الملكي الذي يجلس عليه الملك او الملكة وذلك لأن اللغويين الأعراب قد استنبطوا هذا المعنى من خلال التالية الكريمة التي تتحدث عن عرش بلقيس في قصة سليمان عندما قال لاتباعه (ايكم ياتيني بعرشها قبل ان ياتوني مسلمين) وبحيث أنهم قد استنتجوا هنا بأن عرشها هو مقعدها الملكي الذي كانت تجلس عليه وبحيث طار الذي عنده علم من الكتاب في لمح البصر من القدس الى اليمين واحضر لسليمان هذا العرش في قصة ساذجة او أسطورة سخيفة لا ترقى الى المنطق العقلاني كانوا قد اقتبسوها عن اليهود ورواياتهم وأساطيرهم وبما لم ينزل الله بها من سلطان في قرآنه الكريم...
والاخطر من هذا احبتي هو ان الاعراب وعندما اعتمدوا في معاجمهم اللغوية معنى مصطلح العرش القرآني وعلى انه يفيد المقعد الملكي الذي يجلس عليه الملك اصبحنا نتخيل بعدها وتلقائياً بان الرحمن ربي يجلس على مقعد ضخم ولقوله عز من قائل (الرحمن على العرش استوى) وهذا ليس صحيح ابدا بل هو من اكبر مصائبنا في شرح مصطلحات القرآن الكريم...
فكيف يجلس الله الرحمن على كرسي او مقعد فيصبح محدودً ضمن هذا المقعد الذي يجلس عليه ويحتويه وهو الذي لا تحده الحدود ولاتصفه الصفات ولا يحتويه شيء لأنه هو المحيط بكل شيء؟!!!!
بل اننا قد نقول هنا بان الله الرحمن قد أصيب بالتعب والإرهاق بعد عملية خلقه للكون فجلس على العرش لكي يرتاح وكما قال اليهود فعلً في فلسفتهم العقائدية الباطلة وأساطيرها التي استوحى الاعراب منها لاحقً فلسفتهم الغير منطقية فاصبح القرآن الكريم مسارً لسخرية كل صاحب عقل او فكر من اخواننا الملحدين او العلمانيين ومما دفع ببعض القرآنيين الذين يحاولون جاهدً تلميع ماضيهم وترقيعه وتخليهم عن الأساطير والأحاديث وكحال الدكتور محمد شحرور الى القول بأن مصطلح عرش الرحمن لا يعني المقعد الذي يجلس عليه الرحمن وانما يعني العلم الكبير الذي يمتلكه الرحمن...
اي انه وبدوره قد استنبط المعنى استباطً ودون اي قاعدة ثابتة او دليل قرآني على صحة كلامه!!!
فكيف يكون عرش الرحمن بمعنى علم الله الكبير ويكون عرش بلقيس بمعنى المقعد الذي تجلس عليه الملكة بلقيس طالما أننا ندرك بانه لا وجود للمترادفات في القرآن الكريم؟؟
فان كان عرش الرحمن هو علم الله الكبير فان عرش بلقيس هو علم بلقيس الكبير ايضاً اليس كذلك؟
واذا كان عرش بلقيس هو المقعد الملكي الذي تجلس عليه بلقيس فان عرش الرحمن هو المقعد الملكي الذي يجلس عليه الرحمن وهذا لا يجوز ابدا ابدا ابدا...
وعليه
فان أسلوب الاستنباط الذي اتبعه اللغويين الاعراب في الماضي لكي يشرحوا من خلاله مصطلحات القرآن الكريم لا يفرق عن الاسلوب الذي يتبعه الاعراب الجدد في يومنا هذا وممن يطلقون على انفسهم لقب القرآنيين لانه هو الأسلوب ذاته في استنباط المعنى عشوائياً وبحيث انه لا يعدو كونه مجرد رأي شخصي لصاحبه ولا يوجد له اي قاعدة ثابته توضح لنا الكيفية العلمية التي جعلتهم يستنتجون معنى المصطلح المراد شرحه...
واما انا فأقول لكم وكعادتي بأن جميع مصطلحات القرآن الكريم ولغتنا العربية الاصلية قائمة على قاعدة ثابته لا تتغير ومن ان اي مصطلح من مصطلحاتها يعود في اصله الى فعل الامر كوني نافذ الخاص به وعلى وزن (كُنَّ) لان القران الكريم كلام الله الفعال لما يريد وبحيث ان كل كلمة من كلماته تعود في اصلها الى فعل امر كوني النافذ الخاص بها ومن اننا لن نفهم معناها الصحيح وبكل دقة اذا لم نصل الى جذرها وفعل الامر الكوني الخاص بها فأقول:
إن معنى مصطلح العرش وعرشك وعرشها وعروشها ومعروشات وما تعرشون تفيد معنى الشيء المتسلق او الصاعد من الاسفل الى الاعلى وبحيث انه واثناء صعوده او تسلقه يقوم بالتفرع والتمدد وكحال عريشة العنب وكيف انها تنبت من الارض وتصعد الى الاعلى في عملية تسلق للاشياء ومن ثم تبدء بالتفرع والتمدد في الفضاء العلوي الخاص بها فيطلق عليها حينها لقب (العريشة)..
واما الجذر الكوني الخاص بمصطلح (عرش) او فعل الأمر الكوني النافذ الخاص به فهو الامر (رُشَّ) والذي يفيد عملية الرش وكأن اقول (أنا ارش الارض بالماء)...
وعملية الرش تحدث دائما من الاعلى الى الاسفل او من الخارج إلى الداخل وكحال عملية رش الارض بالماء وكيف ان الماء يتساقط عليها من الاعلى او من خارجها لكي يدخل في اعماقها ويتمدد او يتسرب من خلال مساماتها...
رُشَّ (راش. روش. ريش) وجميعها تفيد عملية الرَّش التي تحدث من الاعلى الى الاسفل او من الفضاء الخارجي الى المستقر الداخلي فتكون كعملية الوارد في الحسابات او عمليه دخول المرشوش في المكان الذي رششناه به وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ع" والذي يعكس المعنى فيصبح عندنا:
عرش (عراش. عروش. عريش) والتي تفيد جميعها الشيء الصادر او المتسلق من الاسفل الى الاعلى او من المستقر والمنبت الى الفضاء الخارجي فتكون هنا كعملية الصادر في الحسابات...
اذن
فإن عملية الرش تحدث من الاعلى الى الاسفل او من الفضاء الخارجي الى الفضاء الداخلي فتكون هنا مشابهةً لعملية الوارد في الحسابات لان الماء الذي رششناه على الارض قد اصبح من مواردها او الاشياء التي وردت اليها من خارجها..
واما عملية العرش فتحدث من الاسفل الى الاعلى او من الفضاء الداخلي الى الفضاء الخارجي فتكون هنا مشابهة لعملية الصادر في الحسابات لأن النباتات التي تخرج من الارض وتتعرش في الفضاء هي من صادرتها التي صدرت عنها..
ونستطيع ان ندرك هذه العملية من خلال البويضة التي تخرج من جدار الرحم وتلتصق عليه ومن ثم تبدء في عملية التعرش والتفرع في فضاء الرحم لكي يتكون الجنين وهذا مجرد مثال صغير اضعه لكم..
وعليه
فإن عرش الرحمن هو كل شيء صادر عن الرحمن لكي يتعرش او يتمدد في هذا الكون لان الرحمن هو الاصل الذي صدرت عنه جميع الأشياء...
فليس العلم وحده هو عرش الرحمن وكما ذهب اليه البعض لان عرش الرحمن هو كل شيء صادر عن الرحمن اكان علم ام عمل ام خلق وبحيث اننا جميعنا وابتداء بالذرة وانتهاء بالمجرة من ضمن عرش الرحمن...
نعم
فانا من ضمن عرش الرحمن وانت من ضمن عرش الرحمن وهي من ضمن عرش والشجرة والبقرة والصخرة وكل ذرة في هذا الكون من ضمن عرش الرحمن وتسويته وسواته لاننا جميعنا قد صدرنا عنه وتعرشنا او تفرعنا ضمن محيطه وكحال مثال البويضة في رحم الام وكيف صدرت عن جداره ومن ثم تعرشت وتمددت ضمن محيط الرحم.
اي ان العرش او العريش او العروش هي الاشياء الصادرة من مصدرها لكي تتعرش وتمتد في محيطها...
وقوله عز من قائل (وما يعرشون) اي كل مايصدر عنهم من اعمال تتعرش وتمتد ضمن محيطها..
واما بالنسبة لعرش بلقيس فهو كل شيء قد صدر عنها وتفرع منها وبحيث أن سليمان وعندما قال لأتباعه عنها (ايكم ياتيني بعرشها قبل ان ياتوني مسلمين) تفيد المعنى بأنه قد طلب منهم أن يأتوه بكل قصتها واخبارها وكل ماتفرع عنها من الألف الى الياء او منذ لحظة ولادتها...
أي أنه كان يريد أن يعرف قصة حياة بلقيس كاملة وكل ماصدر عنها من الألف الياء وقبل أن تأتي أليه لكي يستطيع أن يكوِّن صورة او رؤيا مسبقة عن شخصيتها وقبل ان يجتمع بها وبحيث أن الذي عنده علم من الكتاب اخبره فورا بكل تاريخها وتفاصيل حياتها من الالف الى الاياء..
وأما موضوع الجن الصاروخي الخارق الذي طار من القدس الى اليمن في طرفة عين وحمل مقعد بلقيس الملكي الذي تجلس عليه وجاء به الى سليمان في القدس فلا يعدو كونه اسطورة يهودية ساذجة وما انزل الله بها من سلطان وبحيث ان الاعراب وبدورهم قد اقتبسوا هذه الأسطورة عن اليهود والصقوها عنوة بالقرآن الكريم لانهم وبدورهم من اهل الاساطير الساذجة ولا يملكون اي نوع من انوع الفكر والابداع لانهم وبكل بساطة الاشد كفرا وتنفاقا والاجدر ان لايعلموا حدود ماانزل الله.
محمد فادي الحفار
21/4/2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق