الخميس، 30 أبريل 2020

المنشور "35" (الشوع و الخشوع)


دخول حرف الجر والحركة "خ" على بعض الجذور القرآنية...

كثير ما نسمع عبارة (خاشع و خاشعين) ودون ان نفهم معناها وبكل دقة وذلك لعدم توصلنا الى جذرها الثلاثي الصحيح او الى فعل الامر الكوني الخاص بها فأقول:

إن جميع المصطلحات القرآنية من "خشع" و "تخشع" و "خاشعين" و "خاشع" و "خاشعة" و "خاشعات" و "خشوعا" تعود في اصلها الى الامر الكوني النافذ (شُعَّ) والذي يفيد عملية الاندماج مع غيرك في شيعة واحدة وميزانه (شاعشوعشيع) والتي تفيد جميعها الموضوع الشائع بين فئة معينة من الناس....

شع (شاع. شوع. شيع) وجميعها تفيد الامر الشائع بين فئة معينة من الناس يطلق عليها لقب الشيعة وبحيث اننا سنرى التفعيلة (شيع) في قوله عز من قائل:

(((ولقد ارسلنا من قبلك في شيع الاولين)))

وبمعنى اننا قد ارسلنا الكثير من الرسل قبلك في الشيع الذي كان شائع بين الاولين ومتعارف عليه عندهم لكي يقوم هؤلاء الرسل بتغير الكثير من تلك الامور الشائعة لانها خاطئة وليست صحيحة..

وعليه
فإن مصطلح (الشيع) يفيد الشيء الشائع بين فئة محددة من الناس او مجتمع محدد من الناس وبغض النظر عن باقي المجتمعات التي تحيط به او باقي العوام من الناس والتي هي وبدورها عبارة عن شيعاً لان كل فئة من الفئات لها الشائعات الخاصة بها او الامور الشائعة بين افرادها..

اي ان الامر الشائع يكون خاص بشيعة معينة من الناس ولا يشترط به ان يكون عامً ومعمم على الجميع وكحال الامر العام...

فالفرق بين الامر الشائع والامر العام هو ان الامر الشائع معروف لابناء المجتمع الواحد او العقيدة الواحدة وعلى حين ان الامر العام يكون معممً على الانسانية جميعها...

ومثال على هذا اقول:
إن اللباس الموحد في مدارسنا او حتى النقاب الذي ترتديه السيدات في مجتمعاتنا هو امر شائع بيننا وعلى حين انه ليس شائع في مجتمعات اخرى..
واما الامر العام والذي يعم على الانسانية قاطبة فهو ان اليوم عبارة عن اربع وعشرين ساعة ولاسبوع عبارة عن سبعة ايام والشهر عبارة عن ثلاثين يوم وهذا امر عام وتعرفه الانسانية جميعها..

اذن
فإن الشيع والشيعة هو الامر الشائع في مجتمع دون غيره من المجتمعات لانه ليس امر عام ومعمم على الجميع وانما هو خاص بمجتمع معين ويطلق عليه قرانياً لقب (الشيعة) لان الشائع عندهم ليس بشائع عند غيرهم وكقوله عز من قائل عن موسى وشيعته بانه شيعة لانهم كانوا مجتمع عقائدي وشائع بينهم عبادة إله واحد ورغم انهم يعيشون في مجتمع اخر او مع شيعة اخرى تشاركهم المكان ذاته وهم شيعة فرعون والذين كان شائع بينهم عبادة آلهة متعددة...

واما الان فانطلق معكم الى مصطلح الخشوع فأقول:

ان جميع المصطلحات القرآنية من "خشع" و "خشعت" و "خاشعين" و "خاشعات" و "خاشعةً" تعود وبدورها الى الأمر الكوني النافذ (شع) وعلى النحو التالي:

شع (شاع. شوع. شيع) وجميعها تفيد الامر الشائع بين فئة محددة من الناس وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "خ" فيعكس معناها ليصبح:
خشع (خشاع. خشوع. خشيع) وجميعها تفيد عكس الامر الشائع او الابتعاد عن الشيعة والتشيع.

نعم
فالخاشع هو ذلك الانسان الذي يبتعد عن شيعته وعن كل ماهو شائع بينهم فيكون حاله كحال ذلك الناسك الوحيد الذي ابتعد عن جميع الناس لكي يعيش وحيدً..

اذن
فإن مصطلح الخاشع في القرآن الكريم يفيد العزلة والوحدة والابتعاد عن كل شيء وبحيث انه يطلق على كل من تجرد من كل شيء في محيطه ليبقى وحيدً وبدليل قوله عز من قائل:

(((ومن اياته انك ترى الارض خاشعة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت ان الذي احياها لمحيي الموتى انه على كل شيء قدير)))

نعم احبتي
فالارض هنا كانت خاشعة لانها في حالة وحدة ولا يوجد عليها اي نوع من انواع النباتات التي كانت شائعة عليها وبمختلف انواعها وشيعها والوانها وبحيث ان ربي احيها بعد ذلك...
بل انه تبارك وتعالى قد قارن لنا هنا موضوع وحدة الارض وفراغها مما عليها من نباتات بموضوع الحياة والموت عندنا لان الانسان وبحد ذاته وبكل طوائفه وشيعه وما معه من امور شائعة عبارة عن نبتة من نباتات الارض ولقوله عز من قائل (والله انبتكم من الارض نباتا) لكي نتذكر وبدورنا حالة الوحدة والابتعاد عن كل الشيع والتشيع عندما نموت وبحيث انه ومن الافضل لنا ان نبتعد عنها الان ونحن في الحياة لان الله ربي مع الخاشعين الذين يبتعدون عن كل ماهو شائع ويتفرغون للتفكر به بعقولهم وقلوبهم ان كانوا فعلا يعقلون.

وكل الحب والسلام للجميع


محمد فادي الحفار
26/4/2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق