الأحد، 17 مايو 2020

المنشور "66" (الجاد و السجاد)


دخول حرف الجر والحركة "س" على بعض الجذور القرآنية... قال لي بان السجود = الطاعة بحسب اجتهاده وتدبره لتاليات القرآن الكريم.. فقلت له بان القرآن الكريم بيان للناس وله منهج محدد وواضح لجميع الناس وليس متروك للاجتهاد الشخصي وكل حسب هواه ولا يجوز ايضا ان يحمل مترادفات تجعل الناس في حيرة من امرها..
فكلمة (اطاع) وعلى سبيل المثال موجودة في القرآن الكريم ولقولهم (سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير).... فكيف تكون كلمة (سجد = اطاع) ومع العلم ان كلمة (اطاع) موجودة في القران)؟؟؟
ولماذا لم يقل مثل (ان المطاوع لله) عوض عن قوله (ان المساجد لله) طالما ان السجود هو الطاعة او رديف لها في المعنى؟ وعليه فانك مخطئ في استنتاجك لمعنى السجود لان السجود القرآني لا يعني الطاعة وانما له معنى اخر تمام وخاص به وحده.. واما الان فدعوني اخبركم عن معنى مصطلح (المساجد و السجود) في القرآن الكريم فأقول لكم بأننا وعندما نسمع عبارة مسجد يتجه فكرنا مباشرة ودون إرادة منا الى تلك المباني الإسمنتية التي بناها الإنسان وجعلها دورا للعبادة وحيث أننا نرى بأن كل الشعوب المسلمة تبني هذه الدور في كل حي من أحياء مدنها ويزينونها بالثريات والمفارش الأرضية الفاخرة لاعتقادهم بأن من يبني هذه المباني سيكتب له الكثير من الحسنات عند المولى سبحانه وتعالى ولقوله عز من قائل: (((انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر واقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخش الا الله فعسى اولئك ان يكونوا من المهتدين))) وعليه دعونا نطرح سؤال هنا ونقول: ما هو المقصود بمساجد الله؟ وهل تلك المباني الاسمنتية التي نطلق عليه لقب "المسجد" صناعة إلهية لكي نقول عنها بأنها مساجد الله أم أنها صناعة إنسانية؟ فلو كانت هذه الأبنية صناعة إنسانية فيجب أن يكون اسمها مساجد الإنسان وليس مساجد الله لأن الله سبحانه وتعالى لم يصنعها أليس كذلك؟. وأما أنا فأقول لكم بأن اسم المسجد مشتق من فعل السجود الذي يقوم به الكائن الحي وبحيث ان مساجد الله عبارة عن كائنات حية وليست مباني اسمنتية جاسدة في مكانها ولا تتحرك وبحيث ان السجود القرآني لايعني تلك الحركة الوثنية المبتدعة من الوقوع على الأرض وإلصاق الجبين بها لأن السجود القرآني واضح لنا ومن خلال التالية الكريمة التي تقول: (((اذ قال يوسف لابيه يا ابت اني رايت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين))) فما هو هذا السجود الذي يتحدث عنه يوسف هنا؟ أليست الشمس و القمر كرويا الشكل وبحيث أنه لن يكون لهما حركة السجود ذاتها في جسد الإنسان القابل للانحناء؟ فكيف يقول يوسف أنه رءاهم ساجدين له؟ وهل تستطيعوا أن تتخيلوا معي رؤيا يوسف هنا و تقنعوني -ونفسكم معي- عن الطريقة التي رآى فيها يوسف شكل كرويا يسجد له؟ اذن فان السجود القرآني ليس بتلك الحركة الاعرابية وانما هو الطاعة والعمل الجاد كما سيتضح لكم الآن فأقول: ان جميع المصطلحات القرآنية من "سجد" و "اسجدوا" و "ساجدين" و "مساجد" عبارة عن تفعيلات للأمر الكوني المشدد (جُدَّ) والذي هو امر إلهي بان تجود وتكون جادً في عملك ومن ميزانه (جاد. جود. جيد) والتي تفيد جميعها معنى الجد والجدية في العمل. جُدَّ (جاد. جود. جيد) وجميعها تفيد معنى الجدية والأمر الجاد.. ويدخل عليها حرف الجر والحركة "س" والمختص باستمرارية الفعل فيصبح عندنا: سجد (سجاد. سجود. سجيد) والتي تفيد جميعها معنى الاستمرار المتواصل في العمل الجاد.. إذن فإن السجود القرآني يأتي بمعنى العمل الجاد المستمر وبحيث ان يوسف عليه صلوات ربي قد رآى الشمس والقمر جادين في الحركة المستمرة وتنفيذ أمره وبحيث انه كان يشير للشمس بإصبعه فتتحرك من مكانها بأمره بين شروق وغروب ويشير للقمر فيظهر ويغيب بأمره ايضاً. أي أن السجود القرآني هو الامتثال للأمر بالعمل الجاد المستمر.. والأن لاحظوا معي قوله عز من قائل: (((واذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين))) فكيف يدخلون الباب سجدا لو كان السجود هو تلك الحركة الاعرابية؟ فلو كان أحدهم ساجدا وجبينه ملامس للأرض بذلك السجود الاعرابي فكيف سيتحرك بعدها ليدخل الباب؟؟؟!!!! وأما وان انتم أدركتم معي معنى قوله (سجدا) ومن انها استمرارية متواصلة للعمل الجاد الذي طلب منهم فستدركون بأنه قد قال لهم كونوا جادين في دخولكم لهذا الباب وامتثلوا لامري لاني احيط بعلم ربي اكثر منكم (قولوا حطة) ومن أنكم ولو أدركتم هذا في قلوبكم وقلتم لي لقد أحطت يا رسولنا بم لما نحط نحن به من علم واننا نثق بك ولا نعصي لك أمرا وسندخل من حيث أمرتنا جادين في طلبنا فستكونون من محسنين لأنفسكم لأني امري هذا فيه الخير لكم. وعليه فان السجود القرآني لا يكون لغير الكائنات الحية وبحيث ان المساجد هم المستمرين في العمل الجاد ومن ان المباني الاسمنتية لا تعمل أصلا لكي يطلق عليها لقب المساجد وبحيث أن المستمر في العمل الجاد او (المُسجَّدَ) هو الكائن الذي يستطيع الحركة ويكون جادً فيها وليس مثبت في مكانه ولا يتحرك... فهل تلك الأبنية الإسمنتية التي نسميها مساجد الله تمتثل للأمر وتقوم بعملها الجاد والمستمر في حالة الجدية أم أنها مجرد أجساد صنمية جاسدة في مكانها وغير متحركة؟؟ فإن كانت ثابتة في مكانها وغير قابلة للحركة والامتثال للأمر فهي قطعا ليست مساجد.. وعليه فإن كل ما هو متحرك من مكانه ويستطيع القيام بالعمل الجاد المستمر يصلح لان نطلق عليه لقب (مسجد الله) لأنه جاد في عمله تجاه الله الموجود أينما وليت وجهك ومن ان الجاد في عمله لخدمة نفسه من الكائنات الحية هو من مساجد الله حتماً.. وكما وأن المسجد يصلح ان يكون تابعً لي لان كل من يقوم بعمله الجاد في خدمتي هو مسجدي ومن ان الملائكة وبحد ذاتها هي مساجد للإنسان لانها مأمورة ان تسجد هل وبمعنى ان تكون في عمل جاد ومستمر في هذه الجديدة لصالح الانسان لان الانسان وبحد ذاته هو أعظم مساجد الله لأنه كائن حر في حركته وعاقل ويستطيع أن ينفذ العمل الجاد على أفضل وجه له.. وأما وعندما يموت ويصبح غير قادرا على الحركة فإنه يصبح جسدا جاسدً في مكانه لانه لايستطيع تنفيذ العمل الجاد المستمر. أي أن الانسان (مسجدا و جسدا) في الوقت ذاته لأن المسجد حالته وهو حي وعلى حين أن الجسد حالته وهو ميت. وهو أيضا وأثناء الحياة واقع بين حالتين من السجود ومن أن يكون (مسجدا لله) وجادً في طاعته وامره أو ان يكون (مسجد ضرار) وجادً بطاعته لشيطان نفسه الضار او لنفسه الأمارة بالسوء.. فالبناء الكياني لهذا الكائن المسمى بالإنسان يشبه المركبة هنا وبحيث ان هذه المركبة مطوعة بالعمل الجاد لراكبها او الذي يقودها وبحيث انه وان كان قائد هو روح الله فانه يقودها الى النور وتكون من مساجد الله... وإن كان قائدها هو الأنا الشخصية او النفس الامارة بالسوء فبئس القائد والمُقاد وباس الساجد ومن قام بتسجيده لأنه سيقوده الى الظلام ويجعله من مساجد ضرار... وعليه فإن قوله عز من قائل (إنما يعمر مساجد الله) يقصد جميع كائناته الأممية من أمم امثلنا وهي جادة دائما في عملها المستمر وعلى راسها الانسان ومن اعمارنا له ولأخلاقه وكرامته هو العمل الذي يجب علينا ان نستمر فيه وبكل جدية... واكثر مساجد الله التي تحتاج منا الى كل العمل الجاد من اجلها هم أولئك الفقراء في مجاهل افريقيا او الهند وغيرها من الدول الفقيرة والتي يحتاج فيها كل مسجد من مساجد الله فيها الى الرعاية التامة منا اكان من ناحية الغذاء او الدواء والكساء والتعليم.. واما تلك الأجساد الاسمنتية التي لها خوار ولا تضر او تنفع والتي أصبح بنائها موضة يتباهون بها وبثرياتها الذهبية وبساطها العجمي الفاخر فلا علاقة لها بمساجد الله من بعيد او قريب.. اذن فان مساجد الله هي جميع كائنات الأرض الحية والجادة في عملها وعلى رأسها الإنسان والذي يجب علينا اعماره بالعلم والحب والسلام... وأما إبليس فعنده مساجد ضرار التي احتلها واستحلها لنفسه وجعلها عبيد له وطائعين لأمره وابدلها الظلام بالنور... اي ان كل إنسان عقائدي وتائه عن الله ومساجده وحرمتها هو مسجدا من مساجد ضرار لأنه جاد بالطاعة لشيطان نفسه وما يصوره له من باطل.... وطريقة الشياطين في احتلالها لهذه المساجد الإنسانية وجعلها تابعة لهم ومن رجالهم هي الوهم وبأن يوهمونهم بأنه من العارفين بالله وبانهم على صواب من امرهم (وكحال السامري في قوم موسى وعندما قدم لها بناء حجري جاسد في مكانه ولا يتحرك وقال لها هذا الله)!!!! نعم فكل دور عبادتكم التي تطلقون عليها أسماء أنتم سميتموها وابائكم بالمسجد هي ذلك الجسد الذي له خوار والذي اخرجه لكم ربكم أبليس عبر التاريخ بأدواره الكثيرة والسامري من بينها. - فهل تدركون الأن بأن ابنيتكم الاسمنتية التي تطلقون عليها اسم مساجد الله ماهي سوى اجسادا لها خوار وبحيث انكم تبنونها بأيدكم لربكم أبليس الذي اضلكم عن مساجد الله الحقيقية وكما اضل قبلكم جبلا كثيرا؟
- وهل تدركون بأن كعبتكم في مكة ما هي سوى احد أكبر الأجساد الإبليسية التي لها خوار عبر التاريخ؟ - وهل تدركون الكم الهائل من الطاقات البشرية والمادية المهدورة فيها ولصالح سدنتها وخزنتها في كل عام والتي وأن انتم وضعتموها في عمارة الإنسان (مسجد الله الصحيح) لما بقي هناك فقير واحدا أو جاهل واحد على سطح الأرض ودخلنا جميعنا الى دار السلام و الامان. فسلام لكم من السلام ربي فأنتم مساجد الله ان شئتم وأنتم مساجد ضرار. محمد فادي الحفار 12/12/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق