الجمعة، 8 مايو 2020

المنشور "45" معنى مصطلح كلام



كلما كتبت منشورً وقلت فيه بأن الله المحيط الرحمن لا يخاطب احد من مخلوقاته وكائناته مهما كانت صفته ومركزه ولقوله عز من قائل (الرحمن لا يملكون منه خطابا) جاءني الرد من احدهم بأن هذا ليس صحيح وبدليل أن الله كلم موسى تكليما!!! فهل يعتقدون بأن الكلام والخطاب شيء واحد؟ هل يعتقدون بأن الكلام القرآني هو ذلك الصوت الذي يخرج من افواهنا وعن طريق اهتزاز الحبال الصوتية؟ هل يعتقدون بأن الله الرحمن له فم مثل افواهنا وحنجرة مثل حناجرنا وبحيث أنه يُخاطب الناس أو يتكلم من خلال هذا الفم وهذه الحنجرة والاهتزازات الصوتية الصادرة عنها؟ وان كانوا فعلً يعتقدون هذا وبأن الله الرحمن المحيط له فم يصدر الصوت من خلاله وبحيث يخاطب الناس بفمه ويكلمه من خلاله لانهم لا يعرفون معاني المصطلحات القرآنية والفارق بين الخطاب والكلام ويعتقدون بانهما مرادفات للمعنى ذاته فهل ذنب القرآن وذنبي ام هو ذنبهم لانهم لم يجتهدوا في هذا القرآن العظيم وما جاء ضمنه وتكروه مهجورا واستعانوا عليه بلغة الاعراب الأشد كفر ونفاقا والذين هم الاجدر أن لا يعلموا حدود ما انزل الله؟؟ وعليه وبغض النظر عن هذه المقدمة اكانت طويلة ام قصيرة اقول: إن جميع المصطلحات القرآنية من "كلم" و "كلمة" و "كلمات" و "يكلم" و "يكلمنا" و "نكلمهم" و "تكلمهم" والكثير غيرها من تفعيلات الجذر الثلاثي المفتوح (كَالَمَ) تعود في اصلها الى الامر الكوني النافذ (لُمَّ) والذي حالة اللوم وميزانه (لام. لوم. ليم) وجميعها تفيد حالة اللوم والإلمام.. وللوم احبتي هو اصل المعرفة والإلمام بالشيء وبمعنى ان اللوم والالمام مقترنان تمامً بالمعنى لان اللوم هو الذي يجعلك تُلم بمحيطك وبما حولك ومما جعل ربي يقسم بالنفس اللوامة وبمعنى يقدر لها مقادير السمو وبان تسموا الى اعلى المراتب في عليين. اذن فإن الكَلِمَ من اللوم والالمام وعلى النحو التالي: لُمَّ (لام. لوم. ليم) وجميعها تفيد حالة اللوم والإلمام وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ك" والمختص بالتشبيه الذي يعكس المعنى لأنه من حروف "كهبعص" فيصبح عندنا": كلم (كلام. كلوم. كليم) وجميعها تفيد التشبيه بحالة اللوم ولكنها ليست لوم وانما هي عكس اللوم تمام.. نعم احبتي فموسى عليه افضل صلوات ربي كان يلوم نفسه دائماً ويشعر بأنه مخطئ وبحيث أن ربي خفف عليه المه ولومه لنفسه لإلمامه بما اقترفت يداه (فكلَمهُ الله) وبمعنى انه قد احتضنه وخفف عنه جراحه وحالة اللوم التي كان يلوم نفسه بها على فعلتها فاصبح موسى هو (الكليم) او الذي تمت عملية تضميد جراحه النفسية عن الطريق المولى تبارك وتعالى.. ولكي تتضح لكم الصورة بشكل ادق ادعوكم لان تقرؤوا مصطلح (كَلَمَ) من غير تشديد على حرف اللام وكما يفعل الاعراب لتصلكم الفكرة ومن انها على وزن (جَرَحَ).. وعليه فإن الكليمَ و المُكلِّمَ عبارة مريضٍ وممرض وكمثالٍ هنا ومن ان احدهم بحاجة للأخر لكي يساعده على الشفاء من مرضه... ولاحظوا هنا احبتي بان مصطلح (كليم ومكلوم) يعني الجريح والمجروح بجرح عميق وهذا في معاجم اللغة العربية أيضا وبحيث انني مستغرب جدا هنا وكيف انهم قد شرحوا هذا المصطلح بشكل صحيح هنا وعلى حين انهم وعندما يريدون شرحه في القرآن الكريم فإنه يصبح بمعنى الخطاب الشفوي؟!!!! وعليه فإن الكليمَ هو الذي أصابه كَلَمً (على وزن جُرحً) في اعماقه فكَلَمهُ بشدة وبحيث انه اصبح بحاجة الى مُكلِّمٍ لكي يكْلُمَ له جرحه او بمعنى مُضمِدً لكي يضمد له جرحه... وبإمكانكم قرأت جميع التاليات التي جاءت على مصطلح (كلم) وتفعيلاته بهذا المعنى بكل اريحيةٍ وثقة بالنفس وعلى النحو التالي: (((فتلقى ادم من ربه كلمَّاتٍ فتاب عليه انه هو التواب الرحيم))) أي تلقى منه تطمينات تضمد له جراحه وما ألمَّ به من مُلماتٍ نتجت عن حالات اللوم التي كان يلوم نفسه بها وبحيث تاب عليه ربي بعدها.. أي انه لم يتلقى من ربه مصطلحات منطوقة شفهياً من خلال حنجرة الله واهتزاز حباله الصوتية وكما هو بمفهوم الاعراب لمعنى مصطلح (الكلم) تعالى الله عم يصفون.. (((واذ ابتلى ابراهيم ربه بِكَلمَّاتٍ فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين))) والان لاحظوا معي هذه العبارة التي تقول (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات) وكم هي خطيرة هنا... نعم فهل الرب هنا هو المبتلى وبحيث انه قد دخل في حالة البلاء التي فرضها عليه إبراهيم والعياذ بالله من هذا؟!!! طبع لا احبتي فالمبتلى هنا هو (الكَلِمَّاتَ) او حالت اللوم الكثيرة التي كانت عند إبراهيم وبينه وبين نفسه بما كان يلوم نفسها بها وبحيث انزل الله الطمأنينة على قلبه وداوى له جراحه او كَلِمَّاته التي كانت تكْلِمَ له نفسه وتجعلها مكلومة.. كما وان قوله عز من قائل (ولا يَكْلِمَهمْ الله يوم القيامة) أي لا يخفف عنهم حالة اللوم لأنفسهم والتي هم عليها ولا يطمئنهم لانهم لا يستحقون هذا.. وعليه
فلا علاقة للكَلِمَ القرآني بالخطاب الشفوي لان الكَلِمَ هو فعل وعملية شفاء للمكلوم مما ألمَّ به من حالة اللوم التي هو عليها. وكل الحب والسلام للجميع


محمد فادي الحفار
8/5/2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق