دخول أحرف الجر والحركة الجدلية ("ج"*"ح"*"خ") على بعض الجذور القرآنية..
دخول حرف الجر والحركة "ج" على بعض المصطلحات القرآنية...
يعتقد أكثرنا بأن مصطلح "الجناح" القرآني عبارة عن اسم او صفة لتلك الذراع المغطاة بالريش والتي تمتلكها بعض الكائنات التي تحلق في الجو كالعصافير والحمام والصقور وغيرها ومما جعل البعض منا يعتقد بأن الملائكة وبدورها تمتلك مثل هذه الأذرع المغطاة بالريش فنسجوا عنها الأساطير التي ما أنزل الله بها من سلطان وبحيث صدقنا نحن وبدورنا هذه الأساطير وسذاجتها لأننا قد ابتعدنا عن القرآن الكريم ومصطلحاته التي يجب علينا فهمها من خلال جذورها والامر الكوني الخاص فقط...
فلو كان الجناح صفة للذراع الذي له ريش واستطيع التحليق في الجو من خلاله فإن الرسول من الكائنات التي تحلق في الجو ولقوله عز من قائل:
(((وأخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)))
فهل ترون معي بان الرسول الذي يخاطبه ربي في هذه التالية الكريمة له جناح ولقوله (جناحك) ومما يؤكد حتمً بأن الرسول يمتلك جناح؟
فما هو جناح الرسول؟
وهل الرسول من الكائنات التي تحلق في الجو؟
ام هل يخاطب ربي ملاك من ملائكته وعلى انه رسول ويجب أن يحط على الأرض ويخفض جناحه؟
طبعا لا أحبتي
فالجناح القرآني لا يقصد به الأداة التي تساعد على التحلق في الجو وانما له معنى أخر وصحيح ومن خلال جذره فأقول:
إن جميع المصطلحات القرآنية من "جناحك" و "جناحه" و "جناحيه" و"أجنحة" و "جنحوا" و "اجنح" عبارة عن تفعيلات لفعل الأمر الكوني النافذ (نُحَّ) والذي يفيد الأمر بالتنحي او ان تختار لك ناحيةً او جانباً وميزانه الكوني هو (ناح. نوح. نيح) وجميعها تفيد موضوع التنحي جانباً او حتى إفساح المجال ولحيث انى قولنا (هذه ناحيتك و هذه ناحيتي) وعلى سبيل المثال فمعناها هو تحديد المواقع او الناحية الخاصة بكل واحد منا..
نُحَّ (ناح. نوح. نيح) وجميعها تفيد موضوع الناحية والتنحي وبان تختار لنفسك ناحية وبحيث انني وان قلت لأحدهم عبارة (تنحآ جانباً) فإنها تفيد تخليه عن موقعه وافساح المجال لي من أجل المرور وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ج" والمختص بالجدلية التي تكاد تعكس المعنى فيصبح:
جنج (جناح. جنوح. جنيح) والتي تفيد جميعها الاتجاه ناحية الشيْ..
نعم احبتي
فقولنا مثل (لقد جنحت السفينة للشاطئ للشيء) أي اتجهت ناحيته ومن أن هذا واضح أشد الوضوح في قوله عز من قائل:
(((وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله انه هو السميع العليم)))
وبمعنى وإن اتخذوا ناحية السلم وذهبوا باتجاهه فافعل مثلهم...
اذن
فإن مصطلح "جناح" القرآني عكس مصطلح "ناح" وبحيث أن الناح يفيد اخذك لناحية ما فتكون قد تنحيت عنه وعلى حين أن الجناح هو أن تتجه باتجاه ناحية موجودة وهي تابعة لغيرك وبحيث تجنح باتجاهها فتكون قد اخذت ناحيته التي هو فيها وتشترك معه في المكان...
وقوله عز من قائل (لا جناح عليكم) أي لن يأتي شيء تجاهكم او ناحيتكم من هذا الأمر وبمعنى رفع المسؤولية عنكم..
واما وان كان الجناح عليكم فهو الشيء الذي اتخذ ناحيتكم ووجه أصابع الاتهام لكم لأنه قد اصبح في ناحيتكم.
وعليه
فان قوله عز من قائل عن الملائكة بأنها أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع لا تعني بان لهم اذرع يحلقون بالجو من خلالها وانما تعني بأنهم أصحاب جنحات قد جنحوا لها و حالهم كحالنا ويجنحون لشيء دون الآخر وبدليل جنوحهم عن أمر ربهم إلى أهوائها الشخصية عندما اعترضوا على أمر السجود وقالوا له (أتجعل فيها من يفسد فيها)..
أي ان بعض الملائكة عندها جنحة أو جنحتين او ثلاثة واربع وربما اكثر ومن أن حالهم كحالنا في موضوع الجنوح ومن أن بعضهم قد يكون عليه جناح وبعضهم الآخر لا جناح عليه وبحسب نوع جنحته او جناحه...
وكما أن الملائكة قد تجنح إلى السلم أو تجنح الى شيء أخر وكما جنح إبليس عن ربه السلام واتخذ طريق الإجرام..
واما اعتقدنا بان الملائكة تملك اذرعه تحلق من خلالها في الجو فهذا مجرد تصور سلفي سخيف وما انزل الله به من سلطان في قرانه لان رسول الله ربي الذي جاء ليهدينا لديه جناح أيضا ومع هذا فهو ليس من الكائنات التي تحلق في الجو...
اذن
فأن امتلاكنا للجناح ومن أننا نجنح الى شيء دون الأخر امر مفروغ منه لأن الجناح فكر و إرادة وعمل نقوم به ومن أن الرسول له جناح والملائكة لها أجنحة وانا وانتم لنا اجنحة أحبتي...
وأما ما يحدد نوعية هذه الأجنحة فهو توجهها الصحيح او الخاطئ فيكون الجناح لنا او علينا..
أي ان الجناح القرآني عبارة عن اختيار عقلاني وبأن تختار لنفسك ناحيةً تجنح إليها ولا علاقة لها بأعضاء الجسد عند الكائنات..
وأما قوله عز من قائل (ولا طائر يطير بجناحين) فلا تعني الكائنات التي تحلق في الجو وانما تعني كل كائن حي يتطور في أطواره ومن خلال جنوحه بين الحق والباطل او الخير والشر ومن انني قد شرحت هذا وبشكل مفصل في بحث الطير القرآني والطير الأعرابي وقلت فيه بأن مصطلح الطيور من فعل الأمر الكوني النافذ (طُرَّ) والذي هو أمر كوني نافذ لك في ان تتطور وتركب الاطوار وميزانه (طار. طور. طير) وجميعها تفيد عملية التطور للكائنات جميعها وعلى رأسها الإنسان ومن انه من الكائنات الطيور لأنه يتطور ويركب الاطوار من خلال كل ما يجنح له من الأضداد التي حولنا ومن حب البقاء ومن نور وظلام وخير وشر فيكتسب العلم والمعرفة والإدراك والتي هي سُبل التطور..
وكل الحب والسلام لكم جميعا وجعلكم الله ربي من طيور السلام التي تجنح الى السلام فيكون تطوركم واطواركم نحو ربكم السلام.
محمد فادي الحفار
24/12/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق