الجمعة، 8 مايو 2020

المنشور "46" (كرَّ. مُكرَّ)



لقد ذكرت لكم سابقً بان حرف الجر والحركة القرآني 
"الم" يفيد عملية الالمام عند دخوله على الجذر وبحيث اني سأضع لكم الأمثلة التالية فأقول:

1- ان الامر الكوني النافذ (صُرَّ) يفيد عملية الإصرار على الشيء وبحيث ان دخول حرف الحركة والجر "الم" في المختص بعملية الالمام يجعله يصبح (المُصرُّ) وأيضا (مُصرَّ) في حالة دخول حرف "م" وحده دون ال التعريف ومن ان كليهما يفيدا دلك الشخص الملم بعملية الإصرار..

2- ان الامر الكوني النافذ (حُرَّ) يفيد عملية الحوار وبحيث ان دخول حرف "م" في بدايته يجعله يصبح (مُحرَّ) والذي هو ملم بعملية الحوار وكما نقول عن الكاتب الصحفي المتمرس بانه (مُحرر صحفي)..

3- ان الامر الكوني النافذ (حُزَّ) يفيد عملية الاستحواز وبحيث ان دخول حرف "م" في بدايته يجعله يصبح (مُحزَّ) والذي هو ملم بعملية الاستحواز..

4- ان الامر الكوني النافذ (كُلَّ) يفيد عملية الكيل والمكيال وبحيث ان دخول حرف "م" في بدايته يجعله يصبح (مُكلَّ) والذي هو ملم بعملية الكيل والمكيال..

واما الان فدعوني انتقل معكم الى مصطلح (مكر) والذي هو موضوع اليوم فأقول:

من المعروف لنا بأن مصطلح (المكار) يفيد الخبث والدهاء والاحتيال بل وحتى السرقة أحيان وبحيث أننا نطلق هذا اللقب على الثعلب لأنه داهية ومحتال ويسرق الدجاج بخبثه وما الى ذلك من معاني مصطلح المكار...

وعليه
هل هذه الصفات الخبيثة تنطبق على المولى تبارك وتعالى ومن أنه داهية وخبيث ومحتال وربما لص أيضا وما إلى ذلك من صفات دونية نستطيع وصفه بها لأنه قال عن ذاته الربوبية بانه خير الماكرين وبقوله (ومكروا ومكر الله لهم والله خير الماكرين)؟؟!!!

نعم
فالله خير الماكرين كما ترون وبشهادة القرآن الكريم...
وان كان مصطلح المكر يفيد تلك الصفات الخبيثة وكما شرحها الاعراب لنا فإن الله خبيث أيضاً والعيادُ بالله...

واما أنا فأقول لكم بأن مصطلح (المكر) يعود في اصله الى فعل الامر الكوني النافذ (كِرَّ) والذي يفيد الامر بعملية التكرار للشيء اكثر من مرة وميزانه (كار. كور. كير) والتي تفيد جميعها معنى التكرار والتكرير...

كِرَّ (كار. كور. كير) وجميعها تفيد معنى التكرير وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "الم" والمختص بعملية الإلمام فتصبح:
المُكر (المكار. المكور. المكير) وجميعها تفعيلات لدلك الذي يُلمَّ بعميلة التكرار او التكوير..

أي ان المُكرُّ او المُكار هو الذي يلم بعملية التكرار لأنه يقوم بتكرار عمله دائماً وأيضا الذي وقع عليه عملية التكرار فيكون مُكار ...

اذن
فان المكر في العربية الأصيلة وفي القرآن الكريم تفيد ذلك الذي يكرر أفعاله دائما فيكون (مُكِرً) ولا تعني الخبث والاحتيال أبدا...

ومن هنا جاء قول الشاعر (مُكرً مفرً) وبمعنى أنه يكرر عملية الهجوم الخاصة به دائما...

وهذا هو الحال أيضا ومن قولي لكم وعلى سبيل المثال بأنني (اريد أعيد هذا الأمر كرة أخرى) ومن أن مصطلح (الكرة) يفيد عملية التكرار ومن اننا نطلق على جميع الأشياء التي نسميها كروية اسم الكُرة لأنها تكرر حركتها ذاتها بجميع الاتجاهات وبنفس الطريقة دائما..

وعليه
فأن جميع المصطلحات القرآنية من "كرة " و "مكر" و "مكروا" و "مكرهم" و "يمكرون" جميعها تفعيلات للجذر القرأين الثلاثي المفتوح ( كَ رَ رَ ) والذي هو فعل فردي عائد على فاعل فردي هو الله سبحانه وتعالى والذي يكور الأشياء على بعضها ويجعلها مكررة أو تكرر ذاتها لأن التكوير الكوني سنة في كوننا الذي يكرر ذاته ويعيد الكرة في كل شيء مرة اخرى وبحيث ان عملية التكوير والتي تفيد تكرار الأشياء واضحة في قوله عز من قائل:

(((خلق السماوات والارض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى الا هو العزيز الغفار)))

وبمعنى أن عملية التكرار لليل والنهار متتابعة وتحدث أمامنا كل يوم لان حرف "ي" وبدوره من حروف الجر والحركة القرآنية وبحيث أنه يدخل على الجذر الفردي (كور) فيعطيه تفعيلة جديدة تفيد الحاضر ودون أن يغير معناه ابدا فيصبح عندنا (يكور) وبمعنى انه هو المسؤول عن عملية التكرار او الذي يقوم بها..

واما الأن فتعالوا معي لكي ادرج لكم بعض التاليات القرآنية التي جاءت على ذكر مصطلح (مكر) لكي اشرحها لكم بمعنى التكرار فأقول:

(((واذا اذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم اذا لهم مكر في اياتنا قل الله أسرع مكرا ان رسلنا يكتبون ما تمكرون)))

أي أنه وبعدما رحم ربي الناس من الضر الذي مسهم عادوا الى تكرار أفعالهم السيئة مع آيات الله (لأننا جميعنا من آياته) وبحيث يخبرنا هنا بأنه اسرع منهم أيضا في تكرار غضبه عليهم وعقابهم...

وكأن أقول بأني كنت استغيبك واتحدث عنك بالسوء في غيابك (وانت من آيات الله) وبأنه عندما أصابني الضر والخوف وكنت على حافة الموت حلفت بربي بأني لن أسيء لأحد بعد اليوم , وبأنه وعندما رفع عني الضر وذهبت عني حالة الخوف التي كنت عليها عدت مرة أخرى الى افعالي السيئة التي كنت عليها وكررت ذات الأفعال..

أي أن المولى سبحانه وتعالى يتحدث عن أفعال الإنسان المكررة ومن قوله بأن الإنسان (مُكِرً) والتي تفيد عملية التكرار وبحيث انه وبدوره يكرر على الانسان عملية العقاب..
فالإنسان له فعل المُكِرَّ على آيات ربي وكيف أنه يكرر افعاله السيئة كرة أخرى وكما كان اجدادنا يفعلون بالماضي وبحيث اننا نكرر افعالهم فيكرر ربي علينا غضبه وعقابه..

كما وان التالية التي تتحدث عن أمراءة العزيز بقولها:

(((فلما سمعت بمكرهن ارسلت اليهن واعتدت لهن متكا واتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما راينه اكبرنه وقطعن ايديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم)))

تفيد معنى التكرار ذاته ومن انها ولما سمعت (بمكرهن) او تكرارهم لقصتها مع يوسف لأكثر من مرة قررت أن ترسل لهم وتحضرهم أليها لتحاول أن تخرس ألسنتهم لأنهم قد بالغوا في تكرار قصتها على الناس والتشهير بها.

نعم احبتي
فهؤلاء النسوة قد اخذوا يكررون قصتها مع يوسف على مسامع الناس في كل مكان حتى أصبحت سيرتها على كل لسان وبحيث أنه سيتضح لكم واقعية هذه الرواية عندما اقصها عليكم في القصص القرأين واقرب لكم كل ما أقصي عنكم من أشياء غيبها التاريخ عنكم.

والان
لاحظوا معي هذه الحجة الجميلة هنا والتي تؤكد بان مصطلح المكر من التكرار فأقول:

(((من كان يريد العزة فلله العزة جميعا اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر اولئك هو يبور)))

يمكرون السيئات!!!!!
فما معنى يمكرون السيئات؟

فأنا قد امكر بك أو أنت تمكر بي أن كان المكر هو الدهاء والخبث وبحيث أنه يصدر من كائن عاقل تجاه عاقل أليس كذلك؟

فما معنى (يمكرون السيئات)؟؟؟؟

وهل السيئات كائن حي لكي أقوم معها بعمل الخبث؟
فأنا قد أكون خبيثا مع انسان مثلي أو حيوان لأصل له واستطيع اصطياده..
وأما وأن أكون خبيث مع السيئة فهذا مستحيل لأن السيئة فعل والمكر فعل أيضا فأين هو الفاعل هنا؟؟
وهل يفعل الفعل فعله مع فعل مثله بغير فاعل؟!!!

طبعا لا احبتي اليس كذلك؟؟

اذن
فإن قوله (الذين يمكرون السيئات) تعني الذين يكررون السيئات دائما ومن أن لهم عذاب شديد

وعليه
فأنني أرجو منكم أن تراجعوا جميع التاليات الكريمة التي جاءت على ذكر مصطلح المكر ويمكرون في القرآن الكريم بما يفيد معنى التكرار وليس بمعنى الخبث والدهاء والاحتيال لأن المولى سبحانه وتعالي بعيد جدا عن هذه الصفات السيئة وهو الذي له الأسماء الحسنى ومن انه هو الذي أوجد هذا الكون على قانون التكرار لأن الكون كله يكرر ذاته في كل الأشياء ابتداء من الخلية او الذرة وانتهاء بالمجرة.

وكل الحب والسلام للجميع


محمد فادي الحفار
27/1/2016

هناك تعليقان (2):