الثلاثاء، 12 مايو 2020

المنشور "56" (الحوت و الاحتواء)



يتشدق أصحاب نادي البخاري ومسلم (وما اكثر تشدقهم) بأن النبي يونس عليه صلوات ربي قد ابتلعته سمكة ضخمة يطلق عليها لقب (الحوت) ومن أنه قد بقي حيً في بطنها لمدة أربعين يوما وبحيث أنهم ينسبون اقوالهم وخرافاتهم الساذجة هذه إلى القرآن الكريم البريئ منهم ومنها إلى يوم الدين..!!!

فمن قال لهم بأن يونس هو النبي الذي إلتقمه الحوت؟
وهل مصطلح (إلتقمه) يعني (إبتلعه)؟
وهل مصطلح الحوت القرآني يفيد معنى السمكة الضخمة؟
وهل يُعقل أن يعيش إنسان في بطن سمكة لمدة أربعين يوم؟
أم أن هذا السمكة الضخمة لم يكن له عصارات هضمية وأحماض تفرزها فيهترء بها جسد هذا الإنسان الذي كان في بطنها وخلال ساعات قليلة فقط؟

وعليه
فدعكم من اللغو الأعرابي وأساطيره الساذجة أحبتي وتعالوا معي إلى لسان القرآن الكريم لأوضح لكم من خلاله هو النبي صاحب الحوت وما هو معنى مصطلح الحوت من جذره القرآني الكوني فأقول:

أن جميع هذه المصطلحات من "حي" و "حياه" و "حوايا" و "احوى" و "حوا" و "حوت" و "يحتويكم" و "حواها" و "حوتهما" عبارة عن تفعيلات لفعل الأمر الكوني (حُتّ) والذي هو أمر كوني بأن تحتوي الأشياء وتحويها ميزانه الكوني (حات. حوت. حيت) والذي يفيد في جميع تفعيلاته معنى الاحتواء ومن جذره الثلاثي المفتوح (حَ وَ تَ) والذي هو فعل فردي عائد فاعل فردي هو..

حُتَّ (حات. حوت. حيت) وجميعها تفيد معنى الاحتواء

فكل ما يحتوي الشيء او الاشياء بداخله يقال عنه حوت في لسان القرآن العربي السامي وبحسب تصريفات المصطلح..

فهي قد حوت الشيء .. و هو قد حوى الشيء
وهي قد حوتهما ... في حالت المثنى للمفعول به الذي وقع عليهما فعل الاحتواء..وهو قد حواهما ... في حالت المثنى للمفعول به الذي وقع عليهما فعل الاحتواء.
والجمع (حيتانهم) إن كنا نتحدث عن أصحاب ملكية محددين (هم)...
وأما الجمع وبغير ملكية لأحد فهو (حوايا)...

وأما الآن فتعالوا معي إلى التالية الكريمة التي تتحدث عن صاحب الحوت وصاحبه فأقول:

(((قال ارايت اذ اوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما انسانيه الا الشيطان ان اذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا)))

وبحيث نرى هنا أن الحوت كان معهم وبحيث أن أحدهم قد نسي هذا الحوت فأراد أن يرجع ليأخذه كما ترون أليس كذلك؟

وعليه
هل هذا الحوت الذي معهم هنا عبارة عن حيوانً مائي ضخم أم مجرد سمكة صغيرة؟
وهل يطلق مصطلح الحوت في القرآن الكريم على السمكة الصغيرة والكبيرة على حدٍ سواء؟
فإن كان مصطلح الحوت يطلق على الحيوان المائي الضخم فلا بد وأن يكون للحيوان الصغير اسم آخر مختلف لكي تصلنا الصورة بشكل أوضح أليس كذلك؟
ولو افترضنا بأن مصطلح الحوت يطلق على جميع الأسماك البحرية كبيرها وصغيرها وبأنهم كانوا يملكون سمكة من أجل الغداء أو حتى العشاء فهل هذه السمكة المفترضة والتي نسيها تستحق العودة ليأخذها وبعد أن ابتعدوا عنها؟
أليست طعاما مكشوف وسيقف عليه الذباب والحشرات وبحيث أنه وإذا ما نسيها فإنها لا تستحق العودة لأخذها لأنها قد أصبحت قمامة؟
فهل كان موسى قمامً او من الكائنات القمامة ليعود من أجل سمكة؟

طبعا لا أليس كذلك؟

وعليه
فإن قوله (نسيت الحوت) تعني نسيت الكيس الذي يحوي اشيائنا (حاويتنا التي تحتوي على أشيائنا) ومن أن هذا الحوت الذي يحتوي على أشيائهم يستحق العودة لاحضاره لما فيه من أشياء مهمة لهم من أدوات وملابس وحتى طعام للرحلة..
ولهذا نراه يقول في التالية التي يتحدث فيها عن نفسه وعن فتاه يقول (نسيا حوتهما) لأنه الكيس الذي يحتوي على أشيائهم التي حملوها معهم في رحلتهم وبقول التالية الكريمة عنهما:

(((فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا)))

أي أنه ولما بلغا هما الاثنين مجمع بينهما (المكان الذي جمع بينها) نسيا حوتهما (نسيا الحواء الذي كان يحتوي على أشيائهم) فاتخذ هذا الحواء سبيله في البحر سربا وبمعنى أنه قد ضاع منهما لأنه قد اتخذ سبيله في البحر بسبب حالة المد البحري التي طالته وسحبته الى الماء...
ولا بد ان اذكر لكم هنا وللملاحظة فقط بان هذا الشخص الذي يتحدث القرآن عنه هنا وكان قد اجتمع مع موسى بقوله (فلما بلغا مجمع بينهما) هو فتى موسى (الذي كان يفتي موسى) وهو ذاته صاحب سفينة المساكين وهو الذي خرقها وذلك لان موسى كان يبحث عن شخص حكيم يتعلم منه فدله ربه على المكان الذي سيجد فيه هذا الشخص ويجتمع معه (مجمع بينهما) لان هذا الرجل الحكيم وبحد ذاته كان عنده خبر من ربه بان شخص يدعى موسى سياتي الى لقاءه والاجتماع معه..

اذن
فلما بلغا هذين الاثنين (موسى والرجل الحكيم) المكان الذي يجمع بينهما ودار بينهما حديث طويل ومن ثم نهضوا وغادروا المكان (نسيا حوتهما) اي نسيا كيسهم الذي يحتوي على اشيائهم فتاخذ سبيله في البحر سربا..

والحكمة من ضياع هذا الحواء هو ان ربي يريد ان يعلم موسى بأن كل من يتخذ لنفسه حوتا ليحتوي به اشياءه (غير حوت العلم) سيذهب حوته سربا لأنه لم يركن على الله وأنما ركن على حواءه الذي معه...
فلو ركن موسى على الله وكان على يقين بأن الله يطعمه أينما ذهب ما كان ليحمل معه كيس فيه طعاما لأنه على يقين بأن الله معه ولن ينساه ومما يؤكد بأن موسى لم يكن قد وصل الى اليقين في هذه المرحلة من حياته وكحال أبوه إبراهيم من قبله وكيف أنه لم يصل الى يقين إلا في مراحل متقدمة من عمره..
وهذا هو الدرس الذي سيقوم موسى لاحقً بتعليمه للشعب وعندما يطلب منهم ان لا يحتفظوا بأي طعام لان الله سيطعمهم المنَّ والسلوى كل يوم بيومه..

وعليه
فلا تكنز ولا تحتوي شيء غير احتوائك للرب تبارك وتعالى وعلومه في قلبك فهي الأحق بأن تحتويها فتكون أنت الحوت والحاوي الذي يحوي ضمنه أسماء الله الحسنى التي علمها لأبويكم...
فالرب ومعه اسماء الله الحسنى هي حوائنا الذي نريد احتواءه وفهمه وبحيث أن كل ما دونه هو غثاء أحوى..

وأما الآن فتعالوا معي إلى التالية التي يظن أكثركم بانها تتحدث عن رجل قد إبتلعه حيوان بحري ضخم يسمى الحوت لتدركوا معي سخافتها قرآنيا فأقول:

(((فالتقمه الحوت وهو مليم)))

وعليه
ماذا يعني مصطلح (فالتقمه) هنا؟
وهل يعني ابتلعه وكما هو في الشرح الأعرابي للمصطلح؟
فإذا كان الابتلاع موجود في القرآن الكريم ولقوله (يا أرض ابلعي ماءك) فلماذا لم يقل مثلا (وابتلعه الحوت) وعلى حين انه قال (فالتقمه)؟
وأما أنا فأقول لكم بأن مصطلح (التقمه) في القرآن الكريم من القوامة والتقويم من الاعوجاج ولا يعني الابتلاع ابدا...
وكأن اقول لأحدكم وعلى سبيل المثال (فلتُقم لي هذا الجدار) وبمعنى اقامته..

فقولنا (قُم. قام. قوم. قيم) و (تقم. تقام. تقوم. تقيم) و ( لتقم. لتُقام. لتقوم. لتقيم) و (التقم. التقام. التقوم. التقيم) و (قمه. قامه. قومه. قيمه) وغيرها الكثير عبارة عن تفعيلات لفعل الأمر الكوني النافذ (قُمّ) وميزانه (قام. قوم. قيم) والتي تفيد جميعها موضوع القوامة والتقويم من اعوجاجها.

قُم (قام. قوم. قيم) وجميعها تفيد معنى التقويم من الإعوجاج..

وقوله عز من قائل (فالتقمه الحوت وهو مليم) أي أن الحواء الذي يحتوي على علوم ربي هو من قام بعملية تقويم هذا الشخص من اعوجاجه لأن الحواء (الحوت) مليم بالكثير من الاشياء او ملم بها ويجمعها بين طياته فيكون هذا الحواء هو من يُقيمك ويقومك.

فالحوت (او حتى الكتاب الذي ندرس به وبما يحتويه من معلومات) هو الذي يقوم بعملية تقويمنا من اعوجاجنا لما يُلم بداخله من علوم كثيرة هو مليم بها.

إذن
فان الحوت هو حوتك انت او الحواء الذي تحتوي فيه من اشيائك وتكنزها أو تخبأها لوقت الحاجة...
وهذا الحوت وان لم يكن حوت إلمام وعلم ومعرفة (حوت مليم) وكان مجرد حوت لأشياء تافهة فإنه سيذهب منك جفاء لأنك ولو كنت تؤمن بربك ومن أنه لن ينساك لما كنت لتحتوي في نفسك غير العلم لأنك تعلم بأن ربك يطعمك ويسقيك ولا ينساك.
وأما وان كان حواءك هو حوت علم ومعرفة مليم بها فانه سيبقى معك الى الابد وفي ذاكرتك وذكرك ويقوم هو بعملية تقويمك..
فأن كنت مؤمن بربك وتشعر بالامان معه فستعلم بأنه لن ينساك..
وأما وأن تكون من الذين يكنزون الأشياء التافهة فإنها ستتحول إلى سراب..
وهذا هو الدرس المهم الذي تعلمه موسى من ربه في هذه الرحلة وبحيث قام وبدوره بتعليمه لبني إسرائيل لاحقً وبأن لا يجمعوا من الطعام (المن والسلوى) أكثر من حاجتهم اليومية لأن ربهم يرزقهم طعامهم يوما بيوم ولأنهم وإن جمعوا في حيتانهم أكثر من حاجتهم اليومية فسيذهب حوتهم سرابا.
وهذا هو ايضا مايُعلّمه ربي لصاحب القرآن أو لمن نزل عليه هذا القرآن أيضاً وبحيث يقول له:

(((فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت اذ نادى وهو مكظوم)))

نعم احبتي
فربي يقول هنا لمن نزل القرآن على قلبه بأن يصبر لحكم ربه وأن لا يكون مثل صاحب الحوت المتسرع دائما (موسى) لان صاحب الحوت في القران الكريم هو موسى عليه صلوات ربي ولا أحد سواه ولان جميع تاليات الحوت تتحدث عنه وعن قومه وقوامته لهم ومن خلال عملية تقويمه لهم من بعدها وكما هو واضح تمامً في قوله عز من قائل:

(((واسالهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر اذ يعدون في السبت اذ تاتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تاتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون)))

نعم
فالذين يعدون في السبت هم قوم موسى والذي هو المقصود بصاحب الحوت الذي تعلم الدرس من ربه...
وقوله (تاتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا) أي أن حاويتهم التي تحتوي تجارتهم وتجارة الأقوام التي تجاورهم كانت تأتيهم في يوم سبتهم الشرعي والذي لا يجب عليهم العمل فيه فتضيع عليهم المعاملات التجارية وبحيث أن مصطلح حيتانهم هنا يفيد قوافل التجارة التي تحتوي على البضائع وكيف انها كانت تأتيهم في يوم السبت الشرعي والذي يحرم عليهم العمل فيه فتضيع عليهم فرصة التجارة والربح وتباع هذه البضائع لغيرهم من الأقوام التي كانت تجاورهم في حيهم وأحيائهم التي تحتويهم جميعهم...

نعم احبتي
فمصطلح (السبت) يعود الى فعل الامر الكوني النافذ (بُتَّ) والذي يفيد موضوع البيات والتبيت وميزانها (بات. بوت. بيت) او الاشياء التي نُبيتها وبحيث يدخل عليه حرف الجر والحركة "س" المختص بالاستمرارية فيصبح عندنا:

سبَتَ (سبات. سبوت. سبيت) او الاشياء المستمر حالياً في عملية البيات...

وكذلك هو الحال بالنسبة لمصطلح (شرعا) ومن انه ليس القماش الذي نضعه علي السفينة لكي تدفعها الرياح وكما هو الحال في الشرح الاعرابي التافه لان اصل المصطلح هو فعل الامر الكوني النافذ (رُعَّ) والذي يفيد عملية الرعاية وميزانه (راع. روع. ريع)...

رُعَّ (راع. روع. ريع) وجميعها تفيد موضوع الرعاية وبحيث يدخل عليها حرف الجر والحركة "ش" والمختص بالاستمرارية كحال الحرف "س" لانهما معً من الحروف المتشابهة فيصبح عندنا:
شرع (شراع. شروع. شريع) وجميعها تفيد استمرار عملية الرعاية وبحيث ان قولنا عبارة (شرع الله) اي الاستمرار في مراعاتنا لكل ماآمرنا الله به.

اذن
فان حيتانهم التي تحتوي اشيائهم وتجارتهم واحتياجتهم كانت تاتيهم يوم سبتهم الذي يباتون فيه ولا يعملون اي عمل لانه يوم الشرع او استمرار مراعاة اوامر الله...

وعليه
فإن مصطلح الحوت في القرآن الكريم يطلق على كل شيء يحتوي ضمنه الأشياء أكان كتاب يحتوي العلوم ام صناديق تحتوي بضائع تجارية او حتى أحياء سكنية تحتوي ضمنها ساكنيها...
وأما وان تظنوا بأن الحيتان تعني الاسماك التي كانت تأتي الى الشاطئ في يوم سبتهم نكاية بهم وكما هو في القصة الأعرابية السخيفة ومافيها من غباء وقلة معرفة فإنكم والله ربي ستكونون من الواهمين أشد الوهم..
فدعكم من الأعراب ولغوهم واساطيرهم وعودوا معي إلى قرآن ربي العقلاني السامي فهو حوتكم المليم الذي يحتوي علوم ربي وهو أفضل وأعظم حوت وحواء ولأن صاحب الحوت في القرآن الكريم هو موسى عليه افضل صلوات ربي ولا أحد غيره أبدا وبحيث أن جميع التاليات التي جاءت على ذكر مصطلح الحوت في القرآن الكريم خاصة به وحده.

وكل الحب والسلام للجميع..


محمد فادي الحفار
18/1/2016

هناك تعليق واحد:

  1. السلام تحية محمد الامين ان شرح الاعراب صحيح خاطئ وفيه موروثات كارثية ومغلوطة هدا لا يسمح لك بان تقول على الرسول الذي نزل عليه القران انه هو من اخطا هو الصادق الامين الذي نقل لنا كلام الله واياته لكن كل الكتب والاحاديث دخلت عليها موروثات شيطانية لكن لايمنع انها صحيحة لو فسرناها بعدم الحرف او المنهج الكوني لماذا لا تفسر كلام الرسول محمد النبي الصادق باحرف والمنهج الكوني سترى ان كلامه صحيح اما الذين نقلوه من بعده حرفوه. كما يقول الدوست سعيد حتى حرفوه معناها كتبوه بعلم الحرف شكرا

    ردحذف