يعتقد أكثرنا بأن مصطلح (البيت) هو ذاته مصطلح (المنزل) ومن أن بيوتنا هي منازلنا وكما هو الحال في الشرح الأعرابي الركيك بمرادفته الكثيرة وبما وصلنا عن المفسرين والنحويين العرب ومن أن البيت الذي رفع إبراهيم قواعده هو ذلك البناء الحجري الذي في مكة ولقوله عز من قائل:
(((واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم)))
ومن أن اللغويين العرب يرون بأن هذا البيت هو بيت الله الحرام والبيت العتيق والبيت المعمور ومن أنها جميعها عبارة عن أسماء لهذا البناء الحجري الذي في مكة!!!
وأما أنا فاسالكم واقول التالي:
هل بيت الله هو منزل الله وبحيث ان الله موجود ضمن جدرانه؟؟
وهل هذا البناء الحجري الأسود هو بيت الله فعلاً وكما شرحها الاعراب لنا؟
وعليه
ولكي تضح لكم الصورة أكثر وعن معنى مصطلح (البيت) في القرآن الكريم أقول:
(((ويقولون طاعة فاذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فاعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا)))
فهل ترون معي كلمة (بيت) في هذه التالية الكريمة احبتي؟
وهل هي تعني المنزل او البناء الحجري او الاسمنتي او حتى الرملي؟
أليست واضحة وضوح الشمس وبأن التبيت عبارة عن فعل يقوم به الإنسان ومن أنه يُبيّت شيء من الأشياء في نفسه؟
فنحن نراى هنا وكيف أنهم كانوا يقولون أمام قائدهم او رسولهم بأنهم على طاعة له , ولكنهم كانوا يبيتون المعصية في أعماقهم..
اذن
فانت وبكل كيانك و جسدك عبارة عن بيت لانك تبيت الامور في اعماقك او في عقلك وقلبك ولقوله (بيت طائفة منهم) اليس كذلك؟
نعم
فأنا بيت الله وأنت بيت الله وهي بيت الله وكل كائن حي على سطح الأرض هو بيت من بيوت الله لأن مصطلح (البيت) في القرآن الكريم لا يعني المنزل او المسكن او البناء الحجري وكأنها مترادفات لشيء واحد وإنما هو فعل يقوم به الله ومن تبيته لاشياءه حيث يريد للأمر وبما فيها تبيته للنفس داخل أجسدنا وكما سيتضح لكم لاحق ومن أننا نحن وأبنفسنا عبارة عن بيوت لأننا نُبيت أمرنا في انفسنا..
وعليه
فإن الشرح المختصر لمصطلح البيت يكون على النحو التالي:
إن "البيت" و "يبات" و "نبات" و "يبيتون" و "بييت" و "بيتي" و "بيوتكم" و "بيوت" و "بيته" و "بيتك" جميعها تفعيلات لفعل الامر الكوني (بُتَّ) والذي هو أمر كوني بالبيات وعملية تبيت الاشياء وميزانه هو (بات. بوت. بيت) ومن جذرها الثلاثي المفتوح ( بَ وَ تَ ) والذي هو فعل فردي عائد فاعل فردي هو الله سبحانه وتعالى والذي بيَّت الاشياء في مكانها ومن ان كل امر من اموره تبارك اسمه له مكانه الذي يبات فيه ضمن بيته الاعظم الذي نبات فيه جميعنا وهو الكون الاعظم المحيط بنا..
بُت (بات. بوت. بيت) وجميعها تفيد عملية البيات والتبييت ولا علاقة لها بالمنازل أبدا..
إذن
فإننا نقول هنا بأن البيت هو المكان الذي أُبيتُ فيه أنا "الفاعل" أمر ما أو مال أو أي شيئ من الأشياء ليصبح هذا المكان هو بيتٌ لهذا الشيء الذي بيّته أنا به.
فإذا أنت بيًّتَ طعامك في غرفة ما فيصبح أسم هذا الغرفة هو بيت الطعام..
وإذا أنت بيًّتَ مالك في غرفة أو خزنة أو دار يصبح أسمه بيت المال
وأذا أنت بيًّتَ أمر في نفسك يصبح جسدك هو بيت الأمر وتكون أنت من بيت الأمر في نفسه وهكذا..
فالبيت والبيات عملية ثلاثية مكتملة بين ( فاعل يُبيت الشيء ) و ( مفعول به يبات ) و ( مكان لهذا الامر الذي يبات )..
ولايكون البيت بيتا اذا افتقد لأحد هذه الشروط الثلاثة..
كما وأنه لا يصلح أن يبات الإنسان في بيت لأن الإنسان وبحد ذاته عبارة عن بيت تبات فيه النفس ولأن عملية البيات طويلة نسبياً ولا يصلح أن يكون للإنسان في حالة بيات...
فأنا أبيت طعامي في الثلاجة لمدة طويلة في الثلاجة (بيت الطعام) لكي أحفظه من التعفن ولكني أنا وبحد ذاتي لا أبات في مكان وأنما أنزل في منزل لأن النزول عملية مؤقته وليست طويلة او مستمرة كعملية البيات..
أذن
فأن الانسان ينزل في منزل ولا يبات في بيت لأن البيات طويلً نسبياً ولا يستقيم مع حالة الإنسان والذي هو وبحد ذاته عبارة عن بيت...
وعليه
وعودة منا الى ذلك البناء الحجري الذي في مكة والذي يطلق عليه خطأ عبارة (بيت الله) أقول:
ما هو الشيء المُبيت في هذا البناء الحجري الأسود المسمى خطأ ولغو ببيت الله في مكة لكي يكون من بيوت الله؟
هل هناك شيء في داخله أم هو فارغ؟؟
وهل وضع الله فيه نفسً وجعله كائن حيًّ ويستطيع أن يُبيت هو بذاته أمرً ضمنه لكي يكون بيت من بيوت الله؟
فإن قلتم بأن هذا البناء الحجري هو بيت الله الذي يُبيت الله فيه أمره فإنني أطلب منكم أن تقولو لي ماهو الشيء الذي يبات في هذه الغرفة السوداء؟
وأما انا فأقول لكم بأنه لا يوجد شيء يبات ضمن هذا البناء الحجري في مكة والمسى زورً وبهتانً باسم بيت الله لأنه ليس من بيوت الله وإنما هو من صنع الإنسان..
وأما بيوت الله فكثيرة جدا من ضمنها أنا وانت وهي وحتى كوكب الأرض من بيوت الله لأن ربي يبيّت فيه أرزاقه وخيراته من طعام وشراب لجميع الكائنات الحية التي عليه والتي هي جميعها من صنع الله ومن بيوت الله لما تُبيت في انفسها...
إذن
فإن هذا البناء الحجري الذي في مكة ليس من بيوت الله لأنه ليس بكائن حي ويستطيع أن يُبيت الأمر في نفسه ولأن فارغ من اي شيء ولم يُبيت فيه ربي أي نوع من أنواع الأرزاق من طعام وشراب لنا وناهيك عن انه من صنع الإنسان وليس من صنع الانسان..
أي أننا نستطيع أن نسمي هذا البناء الحجري الذي في مكة ببيت الإنسان اذا كنا قد بيتنا فيه شيء ما...
ولكننا وبدورنا لم نبيت أي شيء داخل هذا البناء الحجري الاسود اليس كذلك؟
فهل يوجد شيء داخل حدود هذه المكعب الأسود أشياء لنا وكنا قد بيتناها ضمنه ليكون بيتا من بيوتنا؟؟
هل وضعنا فيه محاصيلنا الزراعية او اموالنا او حتى جعلناه مكتبة فيها كتبنا لكي يكون بيتنا من بيوتنا؟؟
طبعا لا...
اذن
فإنه لايصلح حتى لأن يكون بيت من بيوت الإنسان لأننا لم نبيت فيه شيء من أمورنا وانما هو خاوي من الداخل تمامً....
فعلى أي أساس نطلق عليه اسم البيت وهو ليس من بيوت الله ولا حتى من بيوت الإنسان؟؟
وأما وأن انتم ادركتم معي بأن الانسان وبحد ذاته بيت من بيوت الله الكثيرة فستدركون معنى بيوت الله في كل مواقع القرآن الكريم احبتي.
نعم
فأنت عبارة عن بيت من بيوت الله الكثيرة لأنه قد بيت فيك أمره "النفس" وبحيث لا تخرج هذه النفس من جسدك ألا بأمره فيكون اسم جسدك "بيت الله" لأن الله قد بيت في جسدك أمرا من أموره العظيمة وهي (النفس )...
ولتتأكد أكثر من قولي هذا ومن أن البيت هو المكان الذي يبيت فيه شيئ ما فتعال معي لنقراء قوله التالي:
(((كما اخرجكِ ربك من بيتكِ بالحق وان فريقا من المؤمنين لكارهون)))
وشرحها كالتالي
كما أخرجك ربك (ايتها النفس) من بيتك (جسدك الذي أنت فيه) وإن فريقا من المؤمنين لكارهون لهذا الموت ورغم إيمانهم بوجود حياة أخرى..
نعم
فالقرآن الكريم كتاب لكل زمان ومكان, ولاتصلح أن تكون هذه التالية الكريمة خاصة بشخص محدد " وهو محمد" وخروجه من مكة الى المدينة وكما يدعي القرشين اصحاب التلفيق والتزوير لأن محمد كإنسان لا يبات في بيت وإنما هو ينزل في منزل وذلك لأن الإنسان وبحد ذاته عبارة عن بيت تبات فيه النفس وبحيث لا يصلح للبيت أن يكون هو البائت وكأننا نقول ( البيت يبات في بيت )...
وقوله عز من قائل (بيوت النبي) لا تعني منازل النبي الكثيرة وتعداده من الزوجات وكما هو الشرح الأعرابي لها وانما تعني كل الأشياء التي جاءنا بها النبي من خيرات كعلم نبيته في قراطيس او حتى بيت المال الخاص به والكثير غيرها من بيوت النبي وبما فيها نفس النبي ذاته ومن انها بيت من بيوته..
وأما الآن فتعالوا معي لكي اضع لكم تالية إبراهيم التي يرفع فيها القواعد من البيت فنقول:
(((واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم)))
نلاحظ هنا بأن إبراهيم كان يرفع القواعد من البيت؟
اي ان البيت موجود وبحيث ان إبراهيم يرفع القواعد منه..
فهذا البيت ليس من صنع إبراهيم وليس هو من رفع قواعده الأصلية وانما هو رفع القواعد الموجود فيه ومن قوله ( يرفع القواعد منه )...
وعليه
ماهوا هذا البيت الذي رفع إبراهيم القواعد منه برفقة اسماعيل؟
وما هي هذه القواعد؟
اقول لكم
إن البيت الذي رفع منه إبراهيم القواعد هو نفس إبراهيم بذاتها لأن النفس من البيوت التي نبيت فيها الاشياء وبحيث ان نفس ابراهيم هي بيته ومافيها من قواعد غير صالحة بسبب العقائد التي تربى عليها وقبل أن يرحل عن قومه..
وهذه القواعد هي التي يجب عليه أن يرفعها ليصل إلى الايمان والاطمئنان لان القواعد عبارة عن شيء راسخ وثابت مثل القاعدة الصلبة وبحيث يجب عليه ان يرفع هذه القاعدة نهائيا ويضع لنفسه قاعدة او قواعد جديدة...
والأن
لاحظوا معي التالية الكريمة التي سأعرضها الأن ووضوحها الشديد وكيف تقول:
(((واذ بوانا لابراهيم مكان البيت ان لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود)))
والقول واضح هنا ومن أن هذا البيت كان موجود فعلا وبأن ابراهيم لم يصنعه أو يبنيه لقوله ( واذ بوانا مكان البيت ) ...
أي أن البيت كان موجود بالفعل وليس من صنع ابراهيم..
وكل ما هنالك أن الرب قد بوأ لإبراهيم مكان هذا البيت ودله عليه ومما يؤكد بأن إبراهيم لم يصنع هذا البيت لانه موجود وقد دله الله عليه.
والذي فعله إبراهيم هو انه قد رفع القواعد من هذا البيت الموجود..
أي أن هذا البيت وعندما يصبح طاهر من القواعد الرجس التي فيه فستدخله روح الله لتبات فيه فيكون جسد ابراهيم حينها هو (بيت الله) الذي تبيت فيه روحه وأوامره وبعدما كان مجرد بيت عادي كباقي البيوت أو باقي الناس.
وعليه
فالبيت الذي بوأه الله لإبراهيم هو كينونة ابراهيم بذاته لأننا جميعنا بيوت الله..
والقواعد التي رفعها إبراهيم من البيت هي تلك القواعد العقائدية الباطلة التي كانت معه من عبادات وثنية لقومه وبحيث قام برفع هذه القواعد ليضع عوض عنها قواعد التوحيد فاصبح اسم جسده ومن حينها (مسجد الله الحرام ) لأن جسده سيكون مسجد بالطاعة لروح الله التي حلت فيه والتي نرجوا من الله ان تحل فينا جميعنا..
فنحن الآن بيوت الله لأنه يُبيت فينا أمره (النفس) وبحيث ارجوا من السلام ربي ان نصبح مساجد الله ونكون مسجدين بالطاعة له وعامرين بالايمان وان لانكون من مساجد ضرار الابليسية لكي ننتقل بعدها الى مرحلة مسجد الله الحرام فتحل فينا روح الله وكما حلت في ابونا ابراهيم فنصبح جميعنا مساجد الله الحرام ونحرم على انفسنا كل ماحرمه ربي علينا وعلى راسها حرمة الدماء وسفكها..
وهذا هو قوله عز من قائل (يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) لاننا جميعنا أهل البيت ونهلل للاشياء التي بيتنها في أنفسنا من عقائدنا ومن أن الرجس موجود فينا فعلا وبحيث يريد ربي أن يطهرنا من هذا الرجس تطهيرا..
وكل الحب والسلام لكم يا بيوت الله وجعلكم الله ربي من مساجده وممن يعمرون مساجده ايضا لان مساجد ربي التي تحتاج الى الاعمار كثيرة جدا على الارض وبحيث ان كل انسان منا ومنذ لحظة ولادته يكون مسجد من مساجد الله التي تحتاج الى الاعمار بالحق والقيم السامية وقبل ان يستولي عليه ابليس ويجعلها من مساجد ضرار.
محمد فادي الحفار
6/12/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق